للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علوم الفلاسفة التي لو بلغ الإِنْسَان غايتها لم يكمل بذَلِكَ، ولم يزك نَفْسهُ.

ومنها الفكر فِي الشهوات، واللذات وطرق تحصيلها، وَهَذَا وإن كَانَ للنفس فيه لذة لكن لا عاقبة لَهُ ومضرته فِي عاقبة الدنيا قبل الآخِرَة أضعاف مسرته.

ومنها الفكر فيما لم يكن لو كَانَ كيف كَانَ، كالفكر فيما إِذَا صار ملكًا أَوْ وَجَدَ كنزًا أَوْ ملك ضيعة ماذا يصنع وكيف يتصرف، ويأخذ ويعطي وينتقم ونحو ذَلِكَ من أفكار السفل.

ومنها الفكر فِي جزئيات أحوال النَّاس، ومجرياتهم، ومداخلتهم ومخارجهم، وتوابع ذَلِكَ من فكر النُّفُوس المبطلة الفارغة من الله ورسوله والدار الآخِرَة.

ومنها الفكر فِي دقائق الحيل، والمكر، التي يتوصل بها إِلَى أغراضه وهواه مباحة كَانَتْ أَوْ محرمة.

ومنها الفكر فِي أنواع الشعر، وصروفه وأفانينه فِي المدح والهجَاءَ والغزل والمراثي ونحوها، فإنه يشغل الإِنْسَان عَنْ الفكر فيما فيه سعادته وحَيَاتهُ الدائِمَّة.

ومنها الفكر فِي المقدرات الذهنية التي لا وجود لها فِي الخارج ولا بِالنَّاسِ حَاجَة إليها البتة، وَذَلِكَ موجود فِي كُلّ علم حَتَّى فِي علم الفقه والأصول والطب، فكل هَذِهِ الأفكار مضرتها أرجح من منفعتها ويكفي فِي مضرتها شغلها عَنْ الفكر فيما هُوَ أولى به، وأَعُود عَلَيْهِ بالنفع عاجلاً وآجلاً.أ. هـ.

شِعْرًا: ... يَا غَافِلاً عَنْ صُرُوفِ الْوَقْتِ فِي سِنَةٍ ... الْوَقْتَ يُوقِظُ الآيَاتِ وَالْعِبَرِ

كَمْ ذَا تَنَامُ وَعَيْنُ الْوَقْتِ سَاهِرَةٌ ... لَهُ حَوَادِثُ فِي الْغُدْوَاتِ وَالْبُكَرِ

لا تَأَمن الْوَقْتَ وَأَحْذَرْ مِنْ تَقَلُّبِهِ ... فَشِيمَةُ الْوَقْتُ شَوْبُ الصَّفْوِ بِالْكَدَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>