للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تؤمنون بالكتاب كله ما نزل على نبيكم وما نزل على نبيهم، ثالثًا أنهم يداهنونكَمْ وينافقونكم فإذا لقوَكَمْ قَالُوا آمنا وَإِذَا خلوا مَعَ بَنِي جنسهم عضو عليكم الأنامل من الغيظ والبغض.

وإنما فعلوا ذَلِكَ لما رأوا من ائتلاف الْمُسْلِمِين، واجتماع كلمتهم وصلاح ذات بينهم، ونصر الله إياهم، حَتَّى عجز أعداؤهم أن يجدوا إِلَى ذَلِكَ التشفي سبيلاً، فاضطروا إِلَى مداراتهم.

وقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} .

والآيات هَذِهِ تنادي بالنهي المطلق عَنْ الولاء لليهود والنَّصَارَى وعن الاستنصار بِهُمْ، والركون إليهم والثِّقَة بِهُمْ، وبمودتهم والاعتقاد فِي قدرتهم على إيصال خَيْر لِلْمُسِلِمِينَ، أَوْ دفع أذى بل هم على العكس لا يألون جُهْدًا فِي دفع النفع عَنْ الْمُسْلِمِين، وإيصال الضَّرَر والأَذَى لِلْمُسِلِمِينَ فانتبه يَا أخي واحذرهم وحذر عنهم. وَإِيَّاكَ ومدارتهم.

يَقُولُونَ لِي الْعِدَا تَنْجِ مِنْهُمْ ... فَقُلْتُ مُدَارَاتُ الْعِدَا لَيْسَ تَنْفَعُ

وَلَوْ أَنَّنِي دَارَيْتُ دَهْرِي حَيَّةً ... إِذَا مُكِّنَتْ يَوْمًا مِنَ اللَّسْعِ تَلْسَعُ

آخر: ... إِذَا وَتَرْتَ أَمْرًا فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ ... مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لا يَحْصُدْ بِهِ عِنَبَا

إِنَّ الْعَدُوَّ وَإِنْ أَبْدَى مُجَامَلَةً ... إِذَا رَأى مِنْكَ يَوْمًا فُرْصَةً وَثَبَا

قَالَ شَّيْخ الإِسْلام: ولهَذَا كَانَ السَّلَف رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بِهُمْ فِي الولايات، فروى الإِمَام أحمد بإسناد صحيح عَنْ أبي مُوَسى الأشعري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لعمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إن لي كاتبا نَصْرَانِيًّا، قَالَ: ما لك قاتلك الله، أما سمعت الله يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} ألا اتَّخَذْتَ حَنِيْفيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>