للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيادة محبته ولا يخاف سواه، ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عَلَيْهِ، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه.

ولا يحلف إلا باسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتأب إلا إليه، ولا يطاع إلا أمره، ولا يحتسب إلا به، ولا يستعان فِي الشدائد إلا به، ولا يلتجأ إلا إليه، ولا يسجد إلا لَهُ، ولا يذبح إلا لَهُ وباسمه. يجتمَعَ ذَلِكَ فِي حرف واحد هُوَ أن: لا يعبد بجميع أنواع العبادة إلا هُوَ.

فهَذَا هُوَ تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، ولهَذَا حرم الله عَلَى النَّارِ أن تأكل من شهد أن لا إله إلا الله حَقِيقَة الشهادة، ومحال أن يدخل النار من تحقق بحَقِيقَة هَذِهِ الشهادة وقام بها كما قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} فيكون قائمًا بشهادته فِي باطنه وظاهره وَفِي قَلْبهُ وقالبه.

فإن من النَّاس من تَكُون شهادته ميتة.

وَمِنْهُمْ من تَكُون نائِمَّة إِذَا نبهت انتبهت، وَمِنْهُمْ من تَكُون مضطجعة، وَمِنْهُمْ من تَكُون إِلَى القيام أقرب. وهي فِي الْقَلْب بمنزلة الروح فِي البدن. فروح ميتة وروح مريضة إِلَى الموت أقرب.

وروح إِلَى الحياة أقرب، وروح صحيحة قَائِمَة بمصالح البدن. وفي الْحَدِيث الصحيح عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عَنْدَ الموت إلا وجدت روحه لها روحًا» .

فحياة هَذِهِ الروح بهذه الكلمة فكما أن حياة البدن بوجود الروح فيه وكما إن من مَاتَ على هَذِهِ الكلمة فهو فِي الْجَنَّة يتقلب فيها.

فمن عاش على تحقيقها والقيام بها فروحه تتقلب فِي جنة المأوى وعيشها أطيب عيش، قَالَ تَعَالَى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} .

<<  <  ج: ص:  >  >>