عَنْهَا ولهَذَا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النَّهَارَ ويتورع من استناده إِلَى وسادة حرير لحظة واحدة ويطلق لِسَانه فِي الغيبة والنميمة والتفكه فِي أغراض الخلق.
وَرُبَّمَا خص أهل الصلاح والعلم بِاللهِ والدين والقول على الله ما لا يعلم وكثير ممن تجده يتورع عَنْ الدقائق من الحرام والقطرة من الخمر ومثل رأس الإبرة من النجاسة، ولا يبالي بارتكاب الفرج الحرام وَاللهُ أَعْلَمُ. وصلى الله على مُحَمَّد.
" فَصْلٌ "
وقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: يندفع شر الحاسد عَنْ المحسود بعشرة أسباب: أحدهما: التعوذ بِاللهِ من شره والتحصن به واللجأ إليه، والله تَعَالَى سميع لإستعاذته، عليم بما يستعيذ منه. والسمَعَ هنا المراد به سمَعَ الإجابة لا السمَعَ العام فهو مثل قوله:(سمَعَ الله لمن حمده) .
وقول الخليل - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} ومرة يُقْرِنَهُ بِالعلم ومرة بالصبر لإقتضاء حال المستعيذ ذَلِكَ.
فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن الله يراه ويعلم كيده وشره فأخبر الله تَعَالَى هَذَا المستعيذ أنه سميع لإستعاذته أي مجيب عليم بكيد عدوه، يراه ويبصره ليبسط أمل المستعيذ ويقبل بقَلْبهُ على الدُّعَاء.
السبب الثانى: تقوى الله وحفظه عَنْدَ أمره ونهيه فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله إِلَى غيره. قَالَ تَعَالَى:{وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} . وقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عباس:«احفظ الله يحفظك، واحفظ الله تجده تجاهك» . فمن حفظ الله حفظه الله، ووجده أمامه أينما توجه، ومن كَانَ الله حافظه وأمامه فمن يخاف ومن يحذر.
السبب الثالث: الصبر على عدوه، وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث