للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهما برحت بها البلايا والأوصاب، وبذَلِكَ مَعَ توفيق الله تَعَالَى تجمَعَ بين سعادة الدُّنْيَا والآخِرَة وهكَذَا تَكُون عواقب الصابرين الأبطال.

شِعْرًا: ... وَأَصْبَحْتُ فِيمَا كُنْتُ أَبْغِي مِنَ الْغِنَا ... إِلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ أَحْوَجَا

وَحَسِبْتُ نَفْسِي بَيْنَ وَبَيْتِي وَمَسْجِدِي ... وقَدْ صِرْتُ مِثْل النِّسْرِ أَهْوَى التَّعَرّجَا

آخر: ... مَا أَحْسَنَ الصَّبْر فِي الدُّنْيَا وَأَجْمَلَهُ ... عَنْدَ الإِلَهِ وَأنْجَاهْ مِنْ الْجَزَعِ

مَنْ شَدَّ بِالصَّبْرِ كَفًا عِنْدَ مُؤْلِمَةٍ ... أَلْوَتْ يَدَاهُ بِحَبْلٍ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ

اللَّهُمَّ نور قلوبنا واشرح صدورنا ويسر أمورنا وأحسن منقلبنا وأيدنا بروح منك وَوَفِّقْنَا لما تحبه وترضاه وثبتنا بالقول الثابت فِي الحياة الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة واغفر لَنَا ذنوبنا واستر عيوبنا واكشف كروبنا وأصلح ذات بينا وألف فِي طَاعَتكَ وطاعة رسولك بين قلوبنا واغفر لَنَا ولوالدين وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

" فَصْلٌ "

ويكفي فِي مدح الصبر وشرفه وعلو مكانته وأَنَّه لا يناله إلا من وفقه الله، أن الصبر طريقة الرسل عَلَيْهمْ أفضل الصَّلاة والسَّلام، فقَدْ قَالَ الله تَعَالَى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وصفوة خلقه: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ} ، وقَالَ: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} .

فبين تَعَالَى أن كُلَّ رسول أرسله إِلَى أمة من الأمم لاقى أذىً وألمًا من قومه وتكذيبًا، وقَالَ لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: آمرًا ومسليًا {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الآية.

ألا وإن من حكمة الله فِي تعريض صفوة خلقه لهذه المكاره والأذايا

<<  <  ج: ص:  >  >>