للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدْ يبتلي الله المُؤْمِن ويمتحن صبره فتعطيه قوة إيمانه من الرجَاءَ ما تخالط حلاوته مرارة المصيبة حَتَّى تغلبها وقَدْ يأنس بالمصيبة لعظم رجائه وصبره وذا وإن كَانَ نادرًا فهو واقع حاصل.

قَالَ بَعْضهمْ:

تَعَوَّدْتُ مَسَّ الضُّرِّ حَتَّى أَلِفْتُهُ ... وَمَلَّ طَبِيبِي جَانِبِي وَالْعَوَائِدُ

آخر: ... وَوَسَّعَ صَدْرِي للأَذَى كَثْرَةَ الأَذَى ... وَكَانَ قَدِيمًا قَدْ يَضِيقُ بِهِ صَدْرِي

ومنها أن يختبر أمور زمانه وينتبه على إصلاح شأنه فلا يغتر برخاء ولا يطمَعَ فِي استواء ولا يؤمل بقاء الدُّنْيَا على حالة فَإِنَّ من عرف الدُّنْيَا وخبر أحوالها هان عَلَيْهِ بؤسها ونعيمها، ولولا ما قدره الله من الحوادث والنوائب لم يعرف صبر الكرام ولا جزع للئام.

فإذا ظفر المصاب بأحد هَذِهِ الأسباب تخففت بإذن الله عَنْهُ أحزانه، وتسهلت عَلَيْهِ أشجانه فصار سريع النسيان للمصائب، قليل الجزع حسن الصبر والتجمل عَنْدَ المصائب.

شِعْرًا فِي ذَمِّ الدُّنْيَا:

سَلامٌ عَلَى دَارِ الْغُرُورِ فَإِنَّهَا ... مُنَغَّصَّةٌ لَذَّاتُهَا بِالْفَجَائِعِ

فَإِنْ جَمَعَتْ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ سَاعَةً ... فَعَمَّا قَلِيلٍ أَرْدَفَتْ بِالْمَوَانِعِ

آخر: ... وَمَا الْمَوْتُ إِلا رِحْلَةٌ غَيْرَ أَنَّهَا ... مِن الْمَنْزِلِ الْفَانِي إِلَى الْمَنْزِلِ الْبَاقِي

آخر: ... رَأَيْت بَني الدُّنْيَا كَوَفْدَيْنِ كُلَّمَا ... تَرَحَّلَ وَفْدٌ حَطَّ فِي إِثْرِهِ وَفْدُ

وَكُلِّ يَحُث السَّيْرَ عَنْهَا وَنَحْوَهَا ... فَيَمْضِي بِذَا نَعْشٌ وَيَأْتِي بِذَا مَهْدُ

آخر: ... وَكُلِّ أَبٍ وَابْنٍ وَإِنْ مُتِّعَا مَعَا ... مُقِيمَيْنِ مَفْقُودٌ لِوَقْتٍ وَفَاقِدُ

آخر: ... فَلا تَجْزَ عَنْ لِلْبَيْنِ كُلُّ جَمَاعَةٍ ... وَرَبِّكَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا التَّفَرُّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>