للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخُذْ بِالتَّعَزِّي كُلَّ مَا أَنْتَ لابِسُ ... جَدِيدًا عَلَى الأَيَّامِ يَبْلَى وَيَخْلَقُ

فَصَبْرُ الْفَتَى عَمَّا تَوَلَّى فَفَاتَهُ ... مِنْ الأَمْرِ أَوْلَى بِالسَّدَادِ وَأَوْفَقُ

وَإِنَّكَ بِالإِشْفَاقِ لا تَدْفَعُ الرَّدَى ... وَلا الْخَيْرُ مَجْلُوبٌ فَمَا لَكَ تُشْفِقُ

كَأَنْ لَمْ يَرُعْكَ الدَّهْرُ أَوْ أَنْتَ آمِنٌ ... لأَحْدَاثِهِ فِيمَا يُغَادِي وَيَطْرُقُ

إخواني أين الأمم الماضية، أين القرون الخالية أين من نصبت على مفارقهم التيجان، أين الَّذِينَ قهروا الأبطال والشجعان، أين الَّذِينَ دانَتْ لَهُمْ المشارق والمغارب، أين الَّذِينَ تمتعوا باللذات من المطاعم والمشارب، أين الَّذِينَ اغتروا بالأجناد والسُّلْطَان.

أين أصحاب السطوة والأعوان، أين أصحاب الأسرة والولايات، أين الَّذِينَ خفقت على رؤوسهم الألوية والرايات، أين الَّذِينَ قادوا العساكر، أين الَّذِينَ عمروا القصور الشامخات والفلل الفسيحات، أين الَّذِينَ غرسوا النخيل والأشجار المثمرات.

أين الَّذِينَ ملؤوا ما بين الخافقين فخرًا وعزًا، أين الَّذِينَ فرشوا القصور خزَّا وقَزًّا، أفناهم الله مفنِي الأمم، وأبادهم مبيد الرمم، وأخرجهم من سعة المساكن، والقصور، وأسكنهم فِي ضيق اللحود وتحت الجنادل والصخور.

قَدْ خلت من كثرتهم أماكنهم ولم ينفعهم ما جمعوا من الحطام، ولا أغنى عنهم ما كسبوا من حلال أَوْ حرام أسلمهم الأحبة والأَوْلِيَاء، وهجرهم الإِخْوَان والأصفياء ونسيهم الأقرباء والبعداء.

شِعْرًا: ... مَنْ ذَا الَّذِي قَدْ نَالَ رَاحَةَ فِكْرِهِ ... فِي عُسْرِهِ مِنْ عُمْرِهِ أَوْ يُسْرِهِ

يَلْقَى الْغَنِيُّ لِحِفْظِهِ مَا قَدْ حَوَى ... أَضْعَافَ مَا يَلْقَى الْفَقِيرُ لِفَقْرِهِ

فَيَظَلُّ هَذَا سَاخِطًا فِي قِلِّهِ ... وَيَظَلُّ هَذَا تَاعِبًا فِي كُثْرِهِ

عَمَّ الْبَلاءُ لِكُلِّ شَمْلٍ فُرْقَةٌ ... يُرْمَى بِهَا فِي يَوْمِهِ أَوْ شَهْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>