الهالكين، وإن أحدثت لَهُ جزعًا وتفريطًا فِي ترك واجب، أَوْ فِي فعل محرم كتب فِي ديوان الهالكين، وإن حدثت لَهُ شكاية وعدم صبر كتب فِي ديوان المغبونين.
وإن أحدثت لَهُ اعتراضًا على الله وقدحًا فِي حكمته فقَدْ قرع باب الزندقة أَوْ ولجه، وان أحدثت لَهُ صبرًا وثباتًا لله: كتب فِي (ديوان الصابرين) . وان أحدثت لَهُ الرِّضَا: كتب فِي (ديوان الراضين) . وان أحدثت لَهُ الحمد وَالشُّكْر: كتب فدى (ديوان الشاكرين) ، وكَانَ تحت لواء الحمد مَعَ الحمَّادين، وإن أحدثت لَهُ محبةً واشتياقًا إِلَى لقاء ربه: كتب فِي (ديوان المحبين المخلصين) .
وَفِي مسند الإِمَام أحمد والترمذي - مِنْ حَدِيثِ محمود بن لبيد يرفعه -:
«إن الله إِذَا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرِّضَا، ومن سخط فله السخط» . زَادَ أحمد:«ومن جزع فله الجزع» .
ومن علاجها: أن يعلم أنه وإن بلغ فِي الجزع غايته فآخر أمره إِلَى صبر الاضطرار. وَهُوَ غيره محمود ولا مثاب.
قَالَ بَعْض الحكماء:(العاقل يفعل فِي أول من المصيبة، ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام، سلا سُلُوَّ البهائم) وَفِي الصحيح مرفوعًا: «الصبر عَنْدَ الصدمة الأولى» . وقَالَ الأشعث بن قيس:(إِنَّكَ إن صبرت إيمانًا واحتسابًا؛ وإلا سلوت سُلُوَّ البهائم) .
ومن علاجها: أن يعلم أن أنفع الأدوية لَهُ موافقة ربه وإلهه، فيما أحبه ورضيه لَهُ، وان خاصية المحبة موافقة المحبوب، فمن ادعى محبة محبوب، ثُمَّ سخط ما يحبه وأحب ما يسخطه فقَدْ شهد على نَفْسهُ بكذبه، وتمقت إِلَى محبوبه.