وقَالَ أبو الدرداء:(إن الله إِذَا قضى قضاء، أحب أن يرضى به) . وكَانَ عمران ابن الحصين يَقُولُ فِي علته:(أحبه إِلَيَّ أحبه إليه) . وكَذَلِكَ قَالَ أَبُو العالية.
وَهَذَا دواء وعلاج لا يعمل إلا مَعَ المحبين، ولا يمكن كُلّ أحد أن يتعالج به..
ومن علاجها: أن يوازن بين أعظم اللذتين والتمتعين وأدومها: لذة تمتعه بما أصيب به، ولذة تمتعه بثواب الله لَهُ فَإِنْ ظهر لَهُ الرجحان، فآثر الراجح فليحمد الله على توفيقه، وإن آثر المرجوح من كُلّ وجه فليعلم أن مصيبته فِي عقله وقَلْبهُ ودينه، وأعظم من مصيبته التي أصيب بها فِي دنياه.
ومن علاجها: أن يعلم أن الَّذِي ابتلاه بها أحكم الحاكمين، وأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وأنه سُبْحَانَهُ لم يرسل إليه البَلاء ليهلكه ولا ليعذبه به، ولا ليجتاحه، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عَنْهُ وإيمانه، وليسمَعَ تضرعه وابتهاله، وليراه طريحًا ببابه، لائذًا بجنابه، مكسور الْقَلْب بين يديه رافعًا قصص الشكوى إليه.
قَالَ الشَّيْخ عبد القادر:(يَا بني إن المصيبة ما جاءت لتهلكك، وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك: يَا بني القدر سبع، والسبع لا يأكل الميتة) .
والمقصود: أن المصيبة كير الْعَبْد الَّذِي يسبك به حاصله، فَإِمَّا أن يخَرَجَ ذهبًا أحمر، وإما أن يخَرَجَ خبثًا كله. كما قِيْل:
فَإِنَّ لم ينفعه هَذَا الكير فِي الدُّنْيَا فبين يديه الكير الأعظم. فإذا علم الْعَبْد أن إدخاله كير الدُّنْيَا ومسبكها خَيْر لَهُ من ذَلِكَ الكير والمسبك، وأنه لابد من أحد الكيرين فليعلم قدر نعمة الله عَلَيْهِ فِي الكير العاجل.