للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٦ - وَالْخَوْضُ فِيمَا شَأْنُهُ لَا يُغْنِي … وَأَنَّهُ شُغْلٌ بِمَا لَا يَعْنِي

١٢٧ - وَأَنَّهُ دَاعِيَةُ النُّفُورِ … مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَالْغُرُورِ

١٢٨ - وَلَا يُقَالُ الْعِلْمُ بِاستِغْرَاقِ … مطَّلَب شَرْعًا عَلَى الاطْلَاقِ

١٢٩ - وَأَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْضَ النَّاسِ … مَا فِي الْعُلُومِ كلِّهَا مِنْ بَاسِ

شرعا، وقد وردت في ذلك نصوص شرعية قطعية. قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النّجْم: ٢٣] وقال سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩] ومنها "الخوض" والبحث "فيما شأنه" أمره. "لا يغني" لا يفيد ولا ينفع - والغناء بفتح الغين النفع - "و" منها "أنه شغل بما لا يعني" أي لا يهم من جهة الشرع.

"و" منها "أنه داعية" مجلبة "النفور" والتدابر والكراهية و"مظنة" موطن يظن فيه أنه سبب "الفتنة والغرور" بين الناس، فإن عامة المشتغلين بالعلوم التي لا تتعلق بها ثمرة تكليفية تدخل عليهم فيها الفتنة والخروج عن الصراط المستقيم، ويثور بينهم الخلاف والنزاع المؤدي إلى التقاطع والتدابر والتعصب، حتى تفرقوا شيعا، وإذا فعلوا ذلك خرجوا عن السنة، ولم يكن أصل التفرق إلا بهذا السبب، حيث تركوا الاقتصار من العلم على ما يعني، وخرجوا إلى ما لا يعني، فذلك فتنة على المتعلم والعالم، واعراض الشارع - مع حصول السؤال - عن الجواب، من اوضح الأدلة على أن اتباع مثله من العلم فتنة أو تعطيل للزمان في غير تحصيل (١).

"ولا" يصح أن "يقال العلم" كله "باستغراق" وشمول لكل أصنافه وأنواعه "مطلب شرعا" - بضم الميم وتشديد الطاء وفتح اللام - يقال طلب الشيء وأطلبه بمعنى. ومنه عبد المطلب - فالمطلب والمطلوب معناهما واحد "على الإطلاق" إذ قد جاء الطلب في تحصيله على صيغ العموم والاطلاق، فتنظم صيغة كلّ علم - كيفما كان نوعه -، ومن جملة العلوم ما يتعلق به عمل، وما لا يتعلق به عمل، فتخصيص أحد النوعين بالاستحسان دون الآخر تحكم، "و" يعضد هذا "أنه" الضمير للشأن "قد قال بعض الناس" من أهل العلم "ما في" تعلم "العلوم كلها" والاشتغال بها "من بأس" أي من حرج - والبأس أصله اللغوي: الشدة


(١) الموافقات/ ج ١/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>