للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٤٨ - وَالْزَمُوهُ أَنْ يَكُونَ فِي النَّظَرْ … جُلُّ الْبُيُوعِ بَاطِلًا مِنَ الْغَرَرْ

١٨٤٩ - إِلَى أُمُورٍ غيرِ هَذَا تَلْزَمُ … فِي جَنْبِ مَا يَحِلُّ أَوْ يُحَرَّمُ

١٨٥٠ - ثَانِيهِمَا الأخْذُ لَهُ مِنْ حَيْثُ مَا … يُفْهَمُ قَصْدٌ فِيهِ لِلشَّرْعِ انْتَمَا

وقد أطال ابن حزم في الرد على من يصف المذهب الظاهري بمثل هذا وفي تزييف ذلك، وذهب إلى أن الحق محصور في هذا المذهب (١) وما بني عليه من الأخذ بظواهر الألفاظ. إلا أن مخالفيه في ذلك ردوا عليه في هذا الشأن.

"والزموه" أمورا تقضي بفساد رأيه ومذهبه هذا في نظرهم، منها "أن يكون في" العمل بهذا "النظر" والجريان على هذا المذهب "جل البيوع" المباحة "باطلا" وفاسدا عملا بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن البيع الغرر" وذلك "من" أجل ما فيها من جنس "الغرر" والخطر الآتي من جهة الجهالة والخفاء ومن ذلك بيع الجوز واللوز والقسطل في قشرها وبيع الخشب والمغيبات في الأرض والمقاثي كلها، بل كان يمتنع كل ما فيه وجه مغيب كالديار والحوانيث المغيبة الأسس والأنقاض، وما أشبه ذلك مما لا يحصى، ولم يأت فيه نص بالجواز ومثل هذا من كل ما يتسامح فيه لحقارته أو للمشقة في تمييزه لا يصح فيه القول بالمنع أصلا، لأن الغرر المنهي عنه محمول على ما هو معدود عند العقلاء غررا مترددا بين السلامة والعطب فهو مما خص بالمعنى المصلحي ولا يتبع فيه اللفظ - وهو الغرر - بمجرده. "إلى أمور غير هذا تلزم" من العمل بهذا النظر والمضي على هذا المذهب وهي ساقطة الإعتبار "في جنب" وشأن "ما يحل" من الأشياء "أو ما يحرم" منها فليس كل ما أمر به أو نهي عنه متساويا في حكمه الشرعي بل ذلك باختلاف مقاصد الشارع منه ومراده منه.

هذا هو النظر الأول في شأن أخذ الأحكام من الأوامر والنواهي الصريحة وأما "ثانيهما" فإنه "الأخذ له" أي لذلك الصريح من الأمر والنهي "من حيث" اتباع وسلوك "ما" أي الطريق الذي "يفهم" بسلوكه ويدرك بالمضي عليه ما هو "قصد" ثابت "فيه" أي في ذلك الصريح من الأمر والنهي وهو "للشرع انتما" وانتسب، وذلك الطريق يحصل سلوكه إذا أخذ في اعتبار ما تثمره وتفيده صيغة الأمر والنهي.


(١) انظر كتاب "الأحكام" وكاتب "المحلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>