للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٧٣ - وَمِنْهُ كَيْفِيَّةُ الأَخْذِ فِي الدُّعَا … للهِ جَلَّ وَعَلَا تَضَرُّعَا

٢٢٧٤ - وَالْقَصْدُ لِلتَّقْدِيمِ لِلْوَسِيلَهْ … فِيمَا يُرِيدُ بَعْدَهَا حُصُولَهْ

٢٢٧٥ - وَمُقْتَضَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ … وَغَيْرِهَا دَلِيلُ هَذَا الْبَابِ

" ومنه" - أيضا -: "كيفية" وطريقة "الأخذ" والعمل "في الدعا لله - جل وعلا - تضرعا" أي تذللا وخضوعا له - سبحانه - فقد بين القرآن كيفية تأدب العباد إذا قصدوا باب رب الأرباب بالتضرع والدعاء، إذ جاء في مساقه أداب استقرئت منه، وإن لم ينص عليه بالعبارة، فقد أغنت إشارة التقرير عن التصريح بالتعبير، فأنت ترى أن نداء الله للعباد لم يأت في القرآن في الغالب إلا "بياء" المشيرة إلى بعد المنادي، لأن صاحب النداء منزه عن مداناة العباد، موصوف بالتعالي عنهم والاستغناء، فإذا قرر نداء العباد للرب أتى بأمور تستدعي قرب الإجابة: منها إسقاط حرف النداء المشير إلى قرب المنادي وأنه حاضر مع المنادي غير غافل عنه، فدل على استشعار الراغب هذا المعنى، إذ لم يأت في الغالب إلا "ربنا" "رب" كقوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} [البَقَرَة: ٢٨٦] {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البَقَرَة: ١٢٧] {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي} [آل عِمرَان: ٣٥] {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البَقَرَة: ٢٦٠] ومنها: كثرة مجيء النداء باسم الرب المقتضي للقيام بأمور العباد وإصلاحها، فكان العبد متعلقا بمن شأنه التربية والرفق والإحسان، قائلا: يا من هو المصلح لشؤوننا على الإطلاق أتم لنا ذلك بكذا، وهو مقتضى ما يدعو به. وإنما أتى "اللهم" في مواضع قليلة، ولمعان اقتضتها الأحوال (١).

"و" منها "القصد للتقديم للوسيلة" والذريعة الموصلة إلى إدراك المراد، وذلك ماض "في"كل "ما يريد" مقدم الوسيلة وقوعه "بعدها" يعني بعد تقديمها و"حصوله" ثبوته "ومقتضى" وموجب "فاتحة الكتاب" وهو، قوله - تعالى -: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفَاتِحَة: ٥، ٦] وغيرها كقوله - تعالى -: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عِمرَان: ١٩٣] وقوله - سبحانه -: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣)} [آل عِمرَان: ٥٣] وقوله: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عِمرَان: ١٩١] وقوله - سبحانه -: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ


(١) الموافقات ٣/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>