للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن أردت الخطوط فقل: كأنها. وإن أردت السواد والبلق فقل: كأنهما. فقال: أردت كأن ذاك، ويلك! والذي حسن منه أنّ أسماء الإشارة تثنيتها وجمعها وتأنيثها ليست على الحقيقة وكذلك الموصولات. ولذلك جاء الذي بمعنى الجمع ما تُؤْمَرُونَ أى ما تؤمرونه بمعنى تؤمرون به من قوله أمرتك الخير أو أمركم بمعنى مأموركم تسمية للمفعول به بالمصدر، كضرب الأمير.

الفقوع أشد ما يكون من الصفرة وأنصعه. يقال في التوكيد: أصفر فاقع ووارس، كما يقال أسود حالك وحانك، وأبيض يقق ولهق. وأحمر قانى وذريخى. وأخضر ناضر ومدهامّ. وأورق خطبانىّ وأزمك ردانىّ. فإن قلت: فاقع هاهنا واقع خبرا عن اللون، فلم يقع توكيداً لصفراء قلت: لم يقع خبرا عن اللون إنما وقع توكيداً لصفراء، إلا أنه ارتفع اللون به ارتفاع الفاعل واللون من سببها وملتبس بها، فلم يكن فرق بين قولك صفراء فاقعة وصفراء فاقع لونها. فإن قلت: فهلا قيل صفراء فاقعة؟ وأى فائدة في ذكر اللون؟ قلت: الفائدة فيه التوكيد، لأنّ اللون اسم للهيئة وهي الصفرة، فكأنه قيل: شديدة الصفرة صفرتها، فهو من قولك: جدّ جدّه، وجنونك مجنون. وعن وهب: إذا نظرت إليها خيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه. وعن على رضى اللَّه عنه: «من لبس نعلا صفراء قل همه «١» لقوله تعالى تسرّ الناظرين» وعن الحسن البصري صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها سوداء شديدة السواد. ولعله مستعار من صفة الإبل لأن سوادها تعلوه صفرة. وبه فسر قوله تعالى: (جِمالَتٌ صُفْرٌ) . قال الأعشى:

تِلْكَ خَيْلِى مِنْهُ وَتِلْكَ رِكَابِى … هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيبِ «٢»


(١) . موقوف لم أجده: لكن أخرجه العقيلي والطبراني والخطيب من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما. قال «من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها» وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عنه: فقال: كذب. موضوع.
(٢) .
إن قيس أقيس الفعال أبا … الأشعث أمست أصداؤه لشعوب
كل عام يمدني بحموم … عند وضع للضأن أو بنجيب
تلك خيلى منه وتلك ركابي … هن صفر أولادها كالزبيب
للأعشى في أبى الأشعث بن قيس. والفعال- بالفتح-: فعل الخير. والأصداء: جمع صدى، وهو ذكر البوم.
كانت العرب تزعم أن عظام رأس القتيل تصير بومة وتصبح: أدركونى. حتى يؤخذ بثأره. وشعوب: اسم للمنية، ويمكن أنه جمع شعب بمعنى طريق، أى أمست متفرقة في الطرق. وذلك كناية عن قتله. والجمع للتعظيم، أو اعتباري. والجموم: جمع جم بتثليث أوله بمعنى الكثير. والنجيب: الكريم من الخيل والإبل. والركاب: المطايا. هن أى الركاب، صفر: جمع أصفر أو صفراء، أولادها يغلب عليها السواد كالزبيب. والمراد بالصفرة سواد ترهقه صفرة، لأن هذا أعز ألوان الإبل عندهم.