للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما هِيَ مرة ثانية تكرير للسؤال عن حالها وصفتها، واستشكاف زائد ليزدادوا بيانا لوصفها. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم، «١» ولكن شدّدوا فشدّد اللَّه عليهم» والاستقصاء شؤم. وعن بعض الخلفاء أنه كتب إلى عامله بأن يذهب إلى قوم فيقطع أشجارهم ويهدم دورهم، فكتب إليه: بأيهما أبداً؟ فقال: إن قلت لك بقطع الشجر سألتنى:

بأى نوع منها أبدأ؟ وعن عمر بن عبد العزيز: إذا أمرتك أن تعطى فلانا شاة سألتنى: أضائن أم ماعز؟ فإن بينت لك قلت: أذكر أم أنثى؟ فإن أخبرتك قلت: أسوداء أم بيضاء؟ فإذا أمرتك بشيء فلا تراجعني. وفي الحديث «أعظم الناس جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم لأجل مسألته» «٢» إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا أى إنّ البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير فاشتبه علينا أيها نذبح. وقرئ: تشابه، بمعنى تتشابه بطرح التاء وإدغامها في الشين. وتشابهت ومتشابهة ومتشابه. وقرأ محمد ذو الشامة: إن الباقر يشابه، بالياء والتشديد. جاء في الحديث «لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد» «٣» أى: لو لم يقولوا إن شاء اللَّه. والمعنى: إنا لمهتدون إلى البقرة المراد ذبحها، أو إلى ما خفى علينا من أمر القاتل لا ذَلُولٌ صفة لبقرة بمعنى بقرة غير ذلول، يعنى لم تذلل للكراب «٤» وإثارة الأرض، ولا هي من النواضح التي يسنى عليها لسقى الحروث، و «لا» الأولى للنفي، والثانية مزيدة لتوكيد الأولى، لأن المعنى: لا ذلول تثير وتسقى. على أنّ الفعلين صفتان لذلول، كأنه قيل: لا ذلول مثيرة وساقية. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمى: لا ذلول، بمعنى لا ذلول هناك: أى حيث هي، وهو نفى لذلها ولأن توصف به فيقال: هي ذلول. ونحوه قولك: مررت بقوم لا بخيل ولا جبان. أى فيهم، أو حيث هم.


(١) . ابن مردويه والبزار وابن أبى حاتم كلهم من طريق الحسن عن أبى رافع عن أبى هريرة مرفوعا وفي سنده عباد بن منصور، وفيه ضعف والطبري من كلام ابن عباس موقوفا. ومن كلام أبى العالية، دون قوله «والاستقصاء شؤم» فليس هو في المرفوع ولا الموقوف قلت قوله «والاستقصاء شؤم» من كلام الزمخشري
(٢) . متفق عليه من حديث سعد بن أبى وقاص رضى اللَّه عنه.
(٣) . قلت: أخرجه ابن جرير من طريق ابن جريج مرفوعا. وهو معضل.
(٤) . قوله «لم تذلل للكراب» في الصحاح: كربت الأرض إذا قلبتها للحرث. وفي المثل: الكراب على البقر، ويقال: الكلاب على البقر. (ع)