(٢) . الظاهر أن الشاعر يصف الديار بأنها لم يبق فيها غير وتد الخباء المقلد بالحبل، وغير الأثافى المغير لونها بالنار. والوشم والتوشيم: تغيير اللون، أى: التي احترقت بضوءها أى حرها. ومن صم الرشاد: بيان لها. والصم: جمع صماء، أى: صلبة. والرشاد الصخر. واحدة رشادة. وقيل: يصف مطايا بأنها مطبوعة على العمل غير محتاجة الزمام، وأنها غيرها أثر السير قوية، بحيث يظهر الشرر من شدة وقع خفافها على الصخر الصلب. (٣) . أعرب الزمخشري فضلا في الآية مفعولا لأجله، منصبا عن قوله: الراشدون … الخ. قال أحمد: أورد الاشكال بعد تقرير أن الرشد ليس من فعل الله تعالى، وإنما هو فعلهم حقيقة على ما هو معتقده، ونحن بنينا على ما بينا: أن الرشد من أفعال الله ومخلوقاته، فقد وجد شرط انتصاب المفعول له، وهو اتحاد فاعل الفعلين، على أن الاشكال وارد نصا على تقريرنا على غير الحد الذي أورده عليه الزمخشري، بل من جهة أن الله تعالى خاطب خلقه بلغتهم المعهودة عندهم. ومما يعهدونه أن الفاعل من نسب إليه الفعل، وسواء كان ذلك حقيقة أو مجازا حتى يكون زبد فاعلا وانقض الحائط وأشباهه كذلك. وقد نسب الرشد إليهم على طريقة أنهم الفاعلون وإن كانت النسبة مجازية باعتبار المعتقد، وإذا تقرر وروده على هذا الوجه فلك في الجواب عنه طريقان: إما جواب الزمخشري، وإما أمكن منه وأبين: وهو أن الرشد هنا يستلزم كونه راشدا، إذ هو مطاوعه، لأن الله تعالى أرشدهم فرشدوا. وحينئذ يتحد الفاعل على طريقة الصناعة المطابقة للحقيقة وهو عكس قوله يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً فان الاشكال بعينه وارد فيها، إذ الخوف والطمع فعلهم، أى: منسوب إليهم على طريقة أنهم الخانفون الطامعون، والفعل الأول لله تعالى، لأنه مريهم ذلك، والجواب عنه: أنهم مفعولون في معنى الفاعلين، بواسطة استلزام المطاوعة، لأنه إذا أراهم فقد رأوا. وقد سلف هذا الجواب مكانه، فصححت الكلام هاهنا بتقدير المفعول فاعلا وعكسه آية الحجرات، إذ تصحيح الكلام فيها بتقدير الفاعل مفعولا، وهذا من دقائق العربية فتأمله، والله الموفق.