للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض عقاب الأرض المقدّسة، فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند ذُو مِرَّةٍ ذو حصافة في عقله «١» ورأيه ومتانة في دينه فَاسْتَوى فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق «٢» . وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء «٣» ثُمَّ دَنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتَدَلَّى فتعلق عليه في الهواء. ومنه: تدلت الثمرة، ودلى رجليه من السرير.

والدوالي: الثمر المعلق. قال:

تدلّى عليها بين سب وخيطة «٤»

ويقال: هو مثل القرلى: إن رأى خيرا تدلى، وإن لم يره تولى قابَ قَوْسَيْنِ مقدار قوسين عربيتين: والقاب والقيب، والقاد والقيد، والقيس: المقدار. وقرأ زيد بن على: قاد. وقرئ:

قيد، وقدر. وقد جاء التقدير بالقوس والرمح، والسوط، والذراع، والباع، والخطوة، والشبر، والفتر، والأصبع. ومنه «لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين» «٥» . وفي الحديث «لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قدّه خير من الدنيا وما فيها «٦» » والقدّ: السوط.

ويقال: بينهما خطوات يسيرة. وقال:


(١) . قوله «ذو حصافة في عقله» أى: استحكام» أفاده الصحاح. (ع)
(٢) . لم أجده هكذا. وفي الصحيحين من رواية مسروق عن عائشة «أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما هو جبريل لم أره على صورته التي رأيته عليها غير هاتين المرتين: رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض» وللترمذي وابن حبان «ولكنه رأى جبريل، لم يره في صورته إلا مرتين:
مرة عند سدرة المنتهى. ومرة في أجياد، له ستمائة جناح، وقد سد الأفق» .
(٣) . لم أجده. هكذا. وذكر المرتين، تقدم في الذي قبله.
(٤) .
تدلى عليها بين سب وخيطة … تدلى دلو المائج المنشمر
يروى لأبى ذؤيب بدل الشطر الثاني: بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها. والسب- بالكسر-: الحبل، والخمار، والعمامة، والخيطة كذلك الوتد ونحوه: في لغة هذيل. والمائح: مالئ الدلو من أسفل البئر. والمائح- بالتاء-:
المستقى، يصف جانى العسل بأنه تدلى على النحل أو العسل، لأنه يؤنث أيضا، أى: نزل متمسكا بحبل مشدود في وتد، كتدلى دلو المالئ النشيط. والجرداء: فرس قليلة الشعر. والوكف: النطع. وكبا الجواد يكبو: سقط على وجهه. وغراب الدابة: أعلى ظهرها، أى: كأن غرابها ينحدر لسرعة سيرها.
(٥) . أخرجه الحاكم من حديث عمرو بن عبسة في حديث طويل ورواه إسحاق والدارقطني من حديث كعب بن مرة نحوه في حديث، ورواه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن عوف مختصرا.
(٦) . أخرجه البخاري من طريق حميد عن أنس أتم من هذا.