لِأَنَّهُ أخفُّ الحركاتِ وبعضُ الْعَرَب يَقُول أَحَدَ عْشَرَ لِأَنَّهُ قد اجْتمع فِيهِ سِتٌّ متحرِّكاتٍ وَلَيْسَ فِي كَلَامهم أكثرُ من ثلاثِ حركاتٍ مُتوالياتٍ إِلَّا مَا كَانَ مُخَفَّفاً وَالْأَصْل غَيره كَقَوْلِهِم عُلَبِطٌ وجَنَدِلٌ وذُلَذِلٌ وَلَيْسَ أكثرُ من أَربع حركات متوالياتٍ فِي كلمة كَانَت أصلا أَو مخفَّفة فَلَمَّا صَار أحد عَشَرَ بِمحل اسمٍ واحدٍ خفَّفوا الْحَرْف الرابعَ الَّذِي يتحرَّكُه يكون الْخُرُوج عَن تَرْتِيب حركاتِ الْأُصُول فِي كَلَامهم وَمن يُسكِّنِ العينَ فِي اللُّغَة الَّتِي ذَكرنَاهَا لَا يسكِّنها فِي اثنَيْ عَشَرَ لِئَلَّا يجْتَمع ساكنانِ وَلَيْسَ فِي كَلَامهم جمعٌ بَين ساكنين إِلَّا أَن يكون الساكنُ الثَّانِي بعد حرفٍ من حُرُوف المدِّ واللِّين مُدْغَماً فِي مثله نَحْو دابَّة وَمَا أشبههَا فَإِن قَالَ قَائِل هلَاّ بَنَيْتُم اثنيْ عَشَرَ على حدٍّ واحدٍ فَلَا تتغيَّر فِي نصْب وَلَا رفْع وَلَا جرٍّ كَمَا فَعلْتُمْ ذَلِك فِي أخواته قيل لَهُ من قِبَل أَن الِاثْنَيْنِ قد كَانَ إعرابهما بِالْألف والياءِ وَكَانَت النونُ على حالةٍ واحدةٍ فيهمَا جَمِيعًا كَقَوْلِك هذانِ الاثنانِ وَرَأَيْت الاثنينِ ومررت بالاثنينِ فَإِذا أَضَفْتَ سَقَطت النونُ وَقَامَ المضافُ إِلَيْهِ مَقامَه وَدخل حرفَ التَّثْنِيَة من التَّغْيِير فِي حَال الرّفْع والنصبِ والجرِّ مَعَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَا كَانَ يدْخلهُ مَعَ النُّون فَلَمَّا كَانَ عَشَرَ فِي قَوْلك اثْنَا عَشَرَ حَلَّ محلَّ النُّون صَار بِمَنْزِلَة الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلم يَمْنَع تغييرَ الْألف إِلَى الْيَاء فِي النصب والجرِّ وَتقول فِي الْمُؤَنَّث إحْدى عَشْرَةَ بِفَتْح الْيَاء وَهُوَ الِاخْتِيَار عِنْد النَّحْوِيين وَقد يجوز ثمانيْ عَشْرَةَ بتسكين الْيَاء فَأَما مَا فتحَها فَإِنَّهُ أجراها على أخَواتها لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا فِي عِدَّةٍ واحدةٍ وترتيبٍ واحدٍ وَأما من سكَّنَها فشبَّهها بمعدِيْ كَرِبَ وأيادِيْ سَبَا وقالي قَلا وَأَشْبَاه ذَلِك وَقد قيل ثمانَ عَشْرَةَ. وَاعْلَم أَنَّك إِذا سمَّيْت رجلا بخمسةَ عَشَرَ جَازَ أَن تضم الراءَ فَتَقول هَذَا خمسةَ عشرُ وَرَأَيْت خمسةَ عشَرَ ومررت بخمسةَ عشرَ تُجْريه مُجْرى اسمٍ لَا ينْصَرف وَلَك أَن تحْكيَه فتفتَحه على كل حالٍ والأخفشُ كَانَ يرى إعرابها إِذا أضَفْتها وَهِي عدد فَيَقُول هَذِه الدَّراهِمُ خَمسة عشَرُك وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا لُغَة رَدِيئَة وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الإضافةَ ترُدُّ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَقد علمت أَن خمسةَ عشرَ دِرهماً هِيَ فِي تَقْدِير التَّنْوِين وَبِه عمل فِي الدِّرْهم فَمَتَى أضفْتها إِلَى مالِكها لم يصلُح تقديرُ التنوينِ فِيهَا لمعاقَبة التَّنْوِين الإضافةَ فَصَارَت بِمَنْزِلَة اسمٍ لَا ينصرفُ فَإِذا أُضيف انصرفَ وأُعرِب بِمَا كَانَ يمْتَنع بِهِ من الْإِعْرَاب قَبْل حالِ الْإِضَافَة. وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: مَن يَقُول هَذَا خَمسةَ عَشَرُك لم يقلْ هَذَا اثْنَا عشرُك فِي الْعدَد من قِبَل أَن عشَر قد قَامَ مقَام النُّون والإضافةُ تُسقط النونَ وَلَا يجوز أَن يثبُت مَعهَا مَا قامَ مقَام النُّون فَإِن قَالَ قَائِل فأضِفْ وأسْقِطْ عَشَرة كَمَا تُسقِط النُّون قيل هَذَا لَا يجوز من قِبَل أنّا لَو أَسْقَطناه كَمَا نُسقط النونَ لم يَنْفَصل فِي الإضافةِ اثنانِ من اثْنَيْ عشَر لِأَنَّك تَقول فِي اثْنَيْنِ هَذَا اثْناكَ فَلَو قلت فِي اثنَيْ عَشَر هَذَا اثناكَ لالتَبسا فَإِذا كَانَ اسْم رجل جازتْ إضافتُه بِإِسْقَاط عَشَر. وَاعْلَم أَن الفرَّاء وَمن وَافقه يُجيز إضافةَ النَّيِّفِ إِلَى الْعشْرَة فَيَقُول هَذَا خمسةُ عَشَرٍ وأنشدوا فِيهِ: ? كُلِّف من عَنائِه وشِقْوَتِهْ بِنْتَ ثَماني عَشْرَةٍ من حِجَّتِهْ وَهَذَا لَا يُجِيزهُ البصريُّون وَلَا يعْرفُونَ الْبَيْت. وَاعْلَم أَن الْعَرَب تَقول هَذَا ثَانِي اثنيْنِ وثالثُ ثلاثةٍ وعاشرُ عشرةٍ وَقد يُقَال ثَانِي واحدٍ وثالثُ اثْنَيْنِ وعاشِرُ تِسعةٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من ثَنَّى الواحدَ وثَلَثُ الاثنينِ وعَشْرَ التسعةَ فَإِن نوَّنْت فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك ضارِبٌ زيدا وَإِن أضفْتَ فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك ضارِبُ زيدٍ وَلَا يجوز التَّنْوِين فِي الْوَجْه الأول إِذا قلت ثالثُ ثلاثةٍ لِأَنَّك أردتَ بِهِ أحدَ ثلاثةٍ وبعضَ ثلاثةٍ وَلَا يجوز التنوينُ مَعَ هَذَا التَّقْدِير فِي قَول أكثرِ النحويّين لِأَنَّهُ لَا يكون مأخوذاً من فِعْل عَامل وَإِذا قلت هَذَا عاشرُ عَشرةٍ قلت هَذَا حادِيْ عَشَرَ بتسكين الْيَاء وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا حاديَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute