بِفَتْح الْيَاء فَأَما من سكَّن الْيَاء من حاديْ فتقديرُه هَذَا حادي أَحَدَ عَشَرَ كَمَا تَقول هَذَا قَاضِي بَغْدَاد وحَذَفَ أَحَدَ تَخْفِيفًا لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ وَأما من فتح فَإِنَّهُ بنى حاديَ عَشَرَ حينَ حذف أحدَ فَجعل حاديَ قَائِما مقَامه فَإِن قَالَ قَائِل فَلم قيل حاديْ عَشَرَ وَهُوَ فَاعل من واحدٍ وهلا قَالُوا واحدَ عَشَرَ وآحِدَ عشرَ من لفظ أحَد فَفِي ذَلِك جوابانِ أحدُهما أَنه مقلوبٌ من واحدٍ وَالْوَاو من واحدٍ فِي مَوضِع الْفَاء مِنْهُ فجُعلت الفاءُ مِنْهُ فِي مَوضِع اللَّام فَانْقَلَبت الواوُ يَاء لانكسارِ الدالِ وتقديرُه من الْفِعْل عالفٌ والقَلْب فِي كَلَامهم كثير كَقَوْلِهِم شائِكُ السلاحِ وشاكي السِّلَاح، وكقولهم لائِثٌ ولاثٍ وكما قَالَ الشَّاعِر: خَيلانِ من قوْمي وَمن أعدائِهِمْ خفَضوا أسِنَّتَهُمْ فكُلُّ ناعي قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرَادَ نائِع: أَي مائلٌ أَو عَطْشَان من قَوْلك جائِعٌ نائِع، قَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا أَرَادَ الناعي من نَعَىَ يَنْعَى. وَالْقَوْل الثَّانِي فِي حادي أَنه يَتْبَع العَشرةَ ويَحْدوها مثلُ حادي الْإِبِل: وَهُوَ الَّذِي يَتْبَعُها فيَسوقُها وَتقول فِي المؤنَّث مِن هَذَا هَذِه حاديةَ عَشْرَةَ وحاديةٌ عَشْرَةً وحاديةُ إحْدى عَشْرَةَ بِالضَّمِّ لَا غير إِلَى تِسعَ عَشْرَةَ على هَذَا المِنْهاج وَعلة وُجوهِ الْإِعْرَاب كعلة المذكَّر فَإِذا دخلتِ الألفُ واللامُ فِي شَيْء من هَذَا تَرَكُوهُ على حَاله تَقول الحاديْ عَشَرَ وَالْحَادِي أَحَدَ عَشَرَ لَا غيرُ كَمَا لَا تُزيل الخازِ بازِ عَن بنائِهِ إِذا قلت هَذَا الخازِ بازِ فَاعْلَم وسأذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأمّا من يَقُول هَذَا ثالثُ اثْنَيْن وعاشِرُ تِسعةٍ فَإِن كثيرا من النَّحْوِيين يمْنَعُونَ أَن يُقَال فِيمَا جَاوز العشرةَ من هَذَا وَذَلِكَ أَن الْقَوْم إِذا كَانُوا تِسْعَة فصِرْت عاشِرَهم جَازَ أَن تَقول عَشَرتهم وَإِذا كَانُوا عَشَرَة فكمَّلَهم أحد عَشَرَ كَمَا كَانَ لَك فِعْل مشتَقٌّ فِي تكميلك التسعةَ عشرَةَ فَلم يكن لَك اسمُ فَاعل فِيمَا جاوَزَ العشرةَ وَهَذَا هُوَ الْقيَاس وَمِنْهُم من يُجيزُه ويشتقُّه من لفظ النَّيِّف فَيَقُول هَذَا ثانٍ أحدَ عَشَرَ وثالثٌ اثْنَي عشرَ وينونه وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ أَن يشتقَّ من لفظ النَّيِّف من قِبَل أَن الْعشْرَة معطوفةٌ على النيِّف فَإِذا قلت ثلاثةَ عَشَرَ فَمَعْنَاه ثلاثةٌ وعشرةٌ ويشتقُّه من الأوّل وَيجْعَل الثَّانِي عطفا عَلَيْهِ وَقد حُكي نحوٌ من هَذَا عَن الْعَرَب، قَالَ الراجز: أَنْعَتُ عَشْرَا والظَّلِيمُ حادِي أَرَادَ الظليم حادي عشر: وَمن ذَلِك لعَدَدُ من واحدٍ إِلَى عشرَة تَقول وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أرْبَعة بتسكين أَوَاخِر الْأَعْدَاد إِلَى العشَرة، فَإِن قَالَ قَائِل وَلم سُكِّنَتْ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن هَذِه الْأَعْدَاد إِذْ عُدَّ بهَا لم تقع فاعلةً وَلَا مفعولةً وَلَا مُبتَدأَة وَلَا خبَراً وَلَا فِي جملَة كَلَام آخر، وَالْإِعْرَاب فِي أَصله للْفرق بَين اسْمَيْنِ فِي كلامٍ واحدٍ أَو لفظين مُجْتَمعين فِي قصَّة لكل وَاحِد مِنْهُمَا غير معنى صَاحبه ففُرِقَ بَين إعرابيهما للدلالة على اخْتِلَاف مَعْنَاهُمَا أَو يكون الْإِعْرَاب لشيءٍ محمولٍ على مَا ذكرنَا، فَلَمَّا لم تكن هَذِه الْأَعْدَاد على الحدّ الَّذِي يُحمل على مَا اسْتوْجبَ الْإِعْرَاب سُكِّنَ وصُيِّرْنَ بِمَنْزِلَة الْأَصْوَات كَقَوْلِك صَهْ ومَهْ وبَخْ بَخْ، وَيجوز أَن تَقول وَاحِد اثْنَان فتكسر الدالَ من وَاحِد، فَإِن قَالَ قَائِل لم كُسِرَت الدَّال لالتقاء الساكنين أم أُلقيَت كسرة الْهمزَة على الدَّال وَلَا يجوز أَن تكون الكسرة لالتقاء الساكنين من قِبَلِ أنَّ كلمة من هَذِه القضيَّة يُقضى عَلَيْهَا بِالْوَقْفِ واستئناف مَا بعْدهَا كَأَن لم يتقدَّمه شيءٌ وألفُ القطْع والوصل يستويان فِي الِابْتِدَاء ويَثْبُتان وَألف اثْنَان ثابتةٌ إِذْ كَانَ التَّقْدِير فِيهَا أَن تكون مُبتَدأَة فَهِيَ بِمَنْزِلَة ألف الْقطع وألِفُ الْقطع يجوز إِلْقَاء حركتها على السَّاكِن قبلهَا فَلذَلِك كَانَت الكسرة فِي الدَّال من وَاحِد هِيَ الكسرة الَّتِي أُلقيتْ عَلَيْهَا من همزَة اثْنَان ويدلُّ على صحَّة هَذَا أَنهم يَقُولُونَ فِي هَذَا إِذا حذفوا الْهمزَة ثَلَاثَة أَرْبَعَة فيحذفون الْهمزَة من أربعةٍ وَلَا يقلبون الْهَاء فِي ثَلَاثَة تَاء من قِبَلِ أَن الثَّلَاثَة عِنْدهم فِي حكم الْوَقْف وَالْأَرْبَعَة فِي حكم الْكَلَام المستأنَف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute