للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فعُول) اعْلَم أَن فَعُولاً إِذا كَانَ بتأويلِ فاعلٍ لم تدخُلْه هاءُ التَّأْنِيث إِذا كَانَ نعتَ المؤنَّث تَقول امْرَأَة ظَلُوم وغَضُوب وقَبُّول مَعْنَاهُ ظالِمةٌ فصُرِف عَن فاعلةٍ إِلَى فَعُول فَلم تَدخلْه هَاء التَّأْنِيث لِأَنَّهَا لم تُبْنَ على الْفِعْل وَذَلِكَ أَن فاعِلاً مبنِيٌّ على فَعَل ومُفْعِلاً مبنيٌّ على أفْعَل وفَعِيلاً مبنيٌّ على فَعُل وفِعِلاً مبنيٌّ على فَعِلَ فَلَمَّا لم يكن لِفَعُول فِعْل تدخُله تَاء التَّأْنِيث تُبْنَى عَلَيْهِ لزمَه التَّذْكِير لهَذَا الْمَعْنى فَإِذا كَانَ فَعُول بِتَأْوِيل مَفْعولٍ دَخلته الهاءُ ليَفْرُقوا بَين مَاله الفعلُ وَبَين مَا الْفِعْل وَاقع عَلَيْهِ فَمن ذَلِك قَوْلهم حَلُوبة لما يُحْلَب قَالَ عنترةُ:

(فِيهَا انثتان وأربَعُون حَلُوبةً ... سُوداً كخافِيَةِ الغُرابِ الأسْحَمِ)

قَالَ أَبُو عَلَيْك الحَلُوبة هُنَا لَيْسَ بِجمع لِأَنَّهُ تمييزٌ وَإِنَّمَا جمع الوصْف فَقَالَ سُوداً حَمْلاً على الْمَعْنى وَيُقَال اكُولةُ الرَّاعِي للشاة يُسَمِّنها الرَّاعِي لنَفْسه فأخرجوها على حَدٍّ فِي تأوِيل مَفْعول وَقَالُوا شاةٌ رَغُوثٌ بِغَيْر هَاء للَّتِي يَرغَثُها ولَدُها - أَي يَرْضَعُها فَلم يدخِلُوا الهاءَ وَلَو أدخَلُوها لَكَانَ ذَلِك صَواباً وَفِي التَّنْزِيل: {فَمِنْهَا رَكُوبُهم وَمنا يَأْكُلون} [يس: ٧٢] فَذكَّر لِأَن الْمَعْنى فَمِنْهَا مَا يَرْكبُون وذكَّر مَا لم يُقْصَد بِهِ قَصْد التأنيثِ وَفِي مُصْحف عبد الله فَمِنْهَا رَكُوبَتُهم فأنَّث عَلَيْهِ الأَصْل لِأَن فَعُولاً بتأويلِ مفْعُول والرَّكُوبة - مَا يَرْكبُون والعَلُوفة - مَا يعْلِفُون والحمُولة - الأحْمال وَقيل الَّتِي علَيْها الأثْقال خاصَّةٌ وَقَالَ الْفَارِسِي: هِيَ الأحمالُ بأعْيانها فَأَما الحَمُولة بالفتْح فَمَا احتَمَل عَلَيْهِ خاصَّةً عِنْده قَالَ: وَفِي التَّنْزِيل: {وَمن الأنْعامِ حَمُولةً وفَرْشاً} [الْأَنْعَام: ١٤٢] والقَتُوبة - مَا يُقْتِبون بالقَتَبِ الواحدُ والجميعُ فِي ذَلِك كلِّه سواءٌ وَإِذا قَالُوا حَلُوب ورَكُوب فأسقَطُوا الهاءَ لم يكُنْ إِلَّا [ ... ] وَقَالُوا شاةٌ جَزُوز - وَهِي الَّتِي يُجَزُّ صُوفُها وجاريةٌ قَصُورةٌ وقَصِيرة - محبُوسةٌ ليسَتْ بخارجَة وَأنْشد:

(وأنْتِ الَّتِي حَبَّيتِ كُلَّ قَصِيرةٍ ... إلَيَّ وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ القَصائِرُ)

وَقد قدّمت اشتِقاقَ هَذِه الكلمةِ فِي بَاب البِنَاء عِنْد ذِكْر القَصْر الَّذِي هُوَ البيتُ وَيُقَال هَذِه رضُوعة للفَصيل - إِذا كَانَت ظئْراً لَهُ وَقيل الرَّضُوعة من الغنَم الَّتِي تَرْضِعُ قَالَ الراجز:

(أوْدَى بَنُو غنْم بألْبانِ العُصُمْ ... بالمُصْفقاتِ ورَضُوعاتِ البَهَمْ)

الإصفاقُ - أَن لَا يَحْلُبها فِي الْيَوْم إِلَّا مَرَّةً والنَّسُولة - الَّتِي يُتَّخذُ نَسْلُها وناقةٌ طَرُوقةُ الفَحْل - وَهِي الَّتِي بلغت أَن يضْرِبَها فَأَما قولُهم رجُل شَنْوأة فالهاء للْمُبَالَغَة وَهِي فَعُول فِي معنى فَاعل وعَلى مِثَاله رَجْلٌ لَجُوجة وعَرُوفةٌ - أَي صابرٌ وفَرُوقة من الفَرَق ومَلُولة من المَلَالةِ وَكَذَلِكَ المرأةُ فيهمَا ورجُل صُرُورةٌ - للَّذي لم يَحُجَّ وَقيل الَّذِي لم يتزوَّجْ وَرجل نَظُوره - سيِّدٌ يُنْظَر إِلَيْهِ وَرجل فَرُورة - فَرَّار قَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش: قَالُوا فَرُوقة ومَلُولةٌ فألحقُوا الهاءَ حينَ أرادُوا التكثيرَ قَالَ أَبُو عمر الجَرْمي: وَيُقَال أَيْضا فَرُوق وغُدُر وَقَالَ الْأَخْفَش: بعضُ الناسِ يقُول رجُلٌ صَرُورةٌ ورجُلانِ صَرُورةٌ فمَن قَالَ هَذَا أجْراه مُجْرَى المَصْدر فَإِذا صَغَّرت فَعُولاً صَغَّرته بِغَيْر هاءٍ كَقَوْلِك الْمَرْأَة صُبَيِّر فَإِن تَذْكر الموصوفةَ أثبَتَّ الهاءَ وَقَالُوا هِيَ عَدُوُّ الله وعَدُوة اللهِ والتصغيرُ فيهمَا على مَا قدّمتُ ذِكْرَه قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وأمَّا مَا كَانَ فَعُولاً فَإِنَّهُ يُكسِّر على فُعُل عنَيْتَ جمعَ الْمُؤَنَّث

<<  <  ج: ص:  >  >>