وَمن هَذَا الْبَاب (المُصَاصَ واللُّبَابُ) وَهُوَ الخالِصُ وَيَقَع على الْوَاحِد فَمَا بعده بِلَفْظ وَاحِد قَالَ جرير:
(تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْهَا قُروناً ... على بَشَرٍ وآنِسَةٍ لُبَابِ)
وَقَالَ أَيْضا ذُو الرمة:
(سِبَحْلاً أباشَرْ خَيْنِ أَحْيَا بَناتِهِ ... مَقَالِيتُها فَهْيَ اللُّباَبُ الحَبَائِسُ)
وَيُقَال فلَان مُصَاصُ قومِهِ ومُصَاصَةُ قومِهِ - أَي أخْلَصَهُمْ نَسَباً وَكَذَلِكَ الإثنان والجميعُ والمؤنثُ رجل نَظُورةٌ - سَيِّدُ قَوْمِهِ الواحدُ والجميع والمؤنث فِيهِ سَوَاء وَرجل صَميمٌ مَحَضٌ وَكَذَلِكَ الإثنان والجميع والمؤنث وَمن هَذَا الْبَاب يُقَال (رجل جُنُبٌ وَرِجَال جُنُبٌ) وَفِي التَّنْزِيل: {وإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فاطَّهَرُوا} [الْمَائِدَة: ٦] وَيُقَال بَعِير هِجَا، ٌ وناقة هِجَانٌ وإبل هِجَانٌ - وَهِي الَّتِي قد قاربَتِ الكَرَمَ وَقد جمعُوا فَقَالُوا هَجَائِنُ فَأَما على قَول عليٍّ كرَّم الله وَجهه:
(هَذَا جَنَايَ وَهِجَانُه فِيهِ ... )
فَإِنَّمَا عَنَى كبارَه وَمن هَذَا الْبَاب (دِلَاصٌ) يَقع للْوَاحِد والجميع وَقد قدمت أَن هِجاناً ودِلاصاً جمع هِجَانٍ ودِلَاص وبينتُ وَجه ذَلِك وأنعمت تمثيله فِي بَاب فِعَال وأريتك الْوَجْهَيْنِ وَفرقت بَينه وَبَين جُنُبٍ وَيُقَال أُذُنٌ حَشْرٌ وأُذُنَانِ حَشْرٌ - إِذا كَانَت ملتزقة بِالرَّأْسِ قَالَ ذُو الرمة:
(لَهَا أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى أَسيلَةٌ ... وَخَدُّ كَمِرْآةِ الغريبةِ أسحَجُ)
وَقَالَ الرَّاعِي:
وأُذْنَانِ حَشْرٌ إِذا أَفْرَعَتْ ... شُرَافِيَّتَانِ إِذا تَنْظُرُ)
أَفْرَعَتْ رُفِعَتْ وروى ابْن الْأَنْبَارِي أُفْزِعَتْ أَي حُمِلَتْ على الفَزَعِ وَقَوله شُرَافِيتانِ مَعْنَاهُ مرتفعتان وَرُبمَا قَالُوا أُذُنٌ حشرة فزادوا الْهَاء وَالِاخْتِيَار أُذُنُ حَشْر بِغَيْر هَاء قَالَ النمري فِي إِدْخَال الْهَاء:
(لَهَا أُذُنُ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ ... كَإِعْلِيطِ مَرْخٍ إِذا مَا صَفِرْ)
والحَشْرُ مصدر حَشَرَ قُذَذَ السَّهْمِ حَشْراً إِذا أَلْصَقَ قُذَذَها فَهُوَ بِمَنْزِلَة صَوْمٍ وفِطْرٍ وحَمْدٍ فِي ترك التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث وَيُقَال سَهْمٌ حَشْرٌ إِذا كَانَ رَقِيقاً وَيُقَال شَيْء (لَقًى) إِذا كَانَ مُلْقًى وأشياءُ لَقًى وَرُبمَا ثنُّوا وجمعوا قَالَ الحَرِثُ بن حِلِّزَةَ:
(فَتَأَوَّتْ لهُمْ قَرَاضِبَةٌ مِنْ ... كُلِّ حَيٍّ كَأَنَّهُمْ ألْقَاءُ)
وَمن ذَلِك (المَلَكُ) يكون للْوَاحِد والجميع بِلَفْظ وَاحِد قَالَ الله تَعَالَى: {والمَلَكُ على أرجائِها} [الحاقة: ١٧] وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الْفجْر: ٢٢] وَقد قدمت مَا فِي المَلَكِ من اللُّغَات وَكَذَلِكَ (البَشَرُ) الإنسانُ يَقع على الْوَاحِد وعَلى الْجَمِيع وَقَالَ الْفراء: رَأَيْت الْعَرَب لَا تجمع وَإِن كَانُوا