كَانَ فِيهَا هَذَا الاجحاف لَو لم يُزَدْ فِيهَا شيءٌ زادوا مَا يُخْرِجه عَن حد الاحجاف فَجعلُوا مَا كَانَ ثَانِيَة واواً يُزاد فِيهِ مثلُها فيشدّد وَكَذَلِكَ الْيَاء كَقَوْلِك فِي لَوْلَوُّ وَفِي كَيْ كَيُّ وَفِي فِي فِي وَمَا كَانَ الْحَرْف الثَّانِي مِنْهُ ألفا زادوا بعْدهَا همزَة وَالتَّقْدِير أَنهم يزِيدُونَ ألفا من جِنْسهَا ثمَّ تقلب همزَة فَيُقَال فِي لَا لاءٌ وَفِي مَا ماءٌ قَالَ الشَّاعِر:
(عَلِقَتْ لَوًّا تُرَدِّدُهُ ... إِنَّ لَوَّا ذاكَ أعْيانا)
وَقَالَ غَيره أَيْضا:
(لَيْتَ شِعْرِي وأَيْنَ مِنِّي لَيْتٌ ... إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَنَاءُ)
فَإِن قَالَ قائِلٌ فَمَا قَوْلكُم فِي امْرَأَة سميت بِشَيْء من هَذِه الْحُرُوف على مَذْهَب من لَا يصرف هَل يلْزم التشديدُ والزيادةُ أم لَا فَالْجَوَاب أَن التَّشْدِيد وَالزِّيَادَة لازمان فَإِن قَالَ فَلم زدتم وَلَيْسَ فِيهِ تَنْوِين وَمن قَوْلكُم إِن الزِّيَادَة وجبتْ لِأَن التَّنْوِين يُذْهب الْحَرْف فَيكون إحدافاً فَالْجَوَاب أَن الْمَرْأَة إِذا سميت بذلك يجوز أَن تنكر فيدخلها التَّنْوِين وَلَا يجوز أَن يكون الِاسْم يتَغَيَّر فِي التنكير عَن لَفظه وبنيته فِي التَّعْرِيف وَاسْتشْهدَ سِيبَوَيْهٍ فِي أَن هَذِه الْحُرُوف تؤنث بقول الشَّاعِر:
(لَيْتَ شِعْرِي مُسَافِرَ بْنَ أبِي عَمْرٍو ... ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ)
فأنث يَقُولهَا وَقد أنْشدْنَا قولَ النَّمِرِ بنْ تَوْلَبٍ:
(عِلِقَتْ لَوًّا تُرَدِّدُهُ ... )
فَذكره وَقَالَ أعيانا فَذكر أَيْضا ويُنْشَدُ مُسافِرُ بْنُ أبي عَمْروٍ بِالرَّفْع وَالنّصب فَمن رفع فتقدير لَيتَ شِعْرِي خَبَرُ مسافِرِ بن أبي عَمْرو فَحذف الْخَبَر وَأقَام مُسَافر مُقامه فِي الْإِعْرَاب وَمن نصب نَصبه بشِعْرِي وَحذف الْخَبَر قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَأَلت الْخَيل عَن رجل سمي بأنَّ مَفْتُوحَة فَقَالَ لَا أَكْسِرُه لِأَن أنَّ غير إِن وَإِنَّمَا ذكر هَذَا لِأَن أنِّ فِي الْكَلَام لَا تقع مُبتَدأَة قبل التَّسْمِيَة وَإِنَّمَا تقع الْمَكْسُورَة مُبتَدأَة فَذكر ذَلِك لِئَلَّا يَظُنَّ الظانُّ أَنَّهَا إِذا سمي بهَا رجل كُسِرَتْ مُبتَدأَة وَإِنَّمَا سَبِيل اسْم وسبيل إِن سَبِيل فِعْلِ فَإِذا سمينا بِوَاحِد مِنْهُمَا لم يَقع الآخرُ موقعه بعد التَّسْمِيَة كَمَا أَن نقُول هَذَا ضَارب زيدا وَهَذَا يضْرب زيدا ومعناهما وَاحِد وَأحد اللَّفْظَيْنِ يَنُوب عَن الآخر فِي الْكَلَام فَلَو سمينا رجلا بيضرب لم يَقع موقعه ضَارب وَبَعض الْعَرَب يهمز فِي مثل لَوْ فَيجْعَل الزِّيَادَة المحتاجَ إِلَى اجتلابها همزَة فَيَقُول لَوْءٌ وماجرى مجْرى هَذِه الْحُرُوف من الْأَسْمَاء غير المتمكنة فَحكمه حكم الْحُرُوف نَحْو هِيَ وهُوَ إِذا سمينا بِوَاحِد مِنْهُمَا أَو أخبرنَا عَن اللَّفْظ فجعلناه اسْما فِي الْأَخْبَار فَنَقُول هُوٌّ ونقول هِيٌّ فَإِن سمينا مؤنثاً بهي فمنزلتها منزلَة هِنْد إِن شِئْنَا صرفنَا وَإِن شِئْنَا لم نصرف لِأَنَّهَا مُؤَنّثَة سمي بهَا مؤنث وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ يذهب فِي الْحُرُوف الَّتِي ذَكرنَاهَا كَلَوْ وَفِي وليت وَمَا أشبه ذَلِك وَفِي حُرُوف المعجم أَنَّهَا تؤنث وتذكر كَمَا أَن اللِّسَان يؤنث وَيذكر وَلم يَجْعَل أحدَ الْأَمريْنِ أولى من الآخر وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد فِيمَا ذُكِرَ عَنهُ يَذْهَبُ إِلَى أَن لَيْت وَمَا جرى مجْراهَا من الْحُرُوف مذكرات وَأَن قَوْله:
(وليتٌ يقولُها المحزونُ ... )
إِنَّمَا أنث على تَأْوِيل الْكَلِمَة والقولُ هُوَ الأولُ سميتَ رجلا ذُو وذُون تذكر وتؤنث فَإِن سِيبَوَيْهٍ يذهب إِلَى أَن يُقَال هَذَا ذَواً وَرَأَيْت ذَواً ومررت بذواً بِمَنْزِلَة عَصًى ورحاً وَيذكر أَن أَصله فَعَلٌ فِي البنية ويستدل على ذَلِك بقَوْلهمْ هاتانِ ذَوَاتا مالٍ كَمَا يُقَال أَبَوانِ وأَبٌ فَعَلٌ وَكَانَ الْخَلِيل يَقُول هَذَا ذَوٌ فَيَجْعَلهُ فَعْلاً سكين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute