للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعين وَكَانَ الزّجاج يذهب مذهبَ الْخَلِيل وَمن حجَّة الْخَلِيل أَن الْحَرَكَة غير مَحْكُوم بهَا إِلَّا بثَبَتٍ وَلم يقم الدَّلِيل على أَن الْعين متحركة وذَكَرَ من يَحْتَجُّ لَهُ أنَّ الِاسْم إِذا حُذِفَ لامه ثمَّ ثُنِّيَ فَرُدَّ إِلَيْهِ اللامُ حركت الْعين وَإِن كَانَ أصل بنيتها السّكُون كَقَوْلِه:

(يَدَيَانِ بالمَعْرُوفِ عِنْد مُحَرِّقِ ... قَدْ تَمْنَعَانِكَ أَنْ تُضَامَ وَتُضْهَدَا)

ويدٌ عِنْدهم فَعْلٌ فِي الأَصْل وَلكنهَا لما حذفت لامُ فَعلٍ فَوَقع الْإِعْرَاب على الدَّال ثمَّ رَدُّوا الْمَحْذُوف لم يَسْلُبوا الدالَ الحركةض قَالَ وَسَأَلته عَن رجل اسْمه فُو فَقَالَ الْعَرَب قد كفتنا أَمْرَ هَذَا لَمّضا أفردوه قَالُوا فَمٌ فأبدلوا الْمِيم مَكَان الْوَاو وَلَوْلَا ذَلِك لقالوا فَوْه لِأَن الأَصْل فِي فَم فَوْه لأَنهم يَقُولُونَ أَفْوَاهٌ كَمَا يَقُولُونَ سَوْطٌ وأَسْوَاطٌ فمذهبه إِذا سمى بفُو أَن يُقَال فَمٌ لَا غير وَكَانَ الزّجاج يُجيز فَمق وفَوْةٌ على مَذْهَب سَوْط وأسواط وحَوْض وأَحْوَاض وَإِنَّمَا ذكرنَا فُو فِي هَذَا الْبَاب وَإِن لم يكن من الْحُرُوف لمشاكلته لَهَا فِي الْحَذف والقلة قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما البا والتا والثا واليا والحا والخا والرا والطا والظا والفا فَإِذا صرن أَسمَاء أُمدِدْنَ كَمَا مُدَّت لَا إِلَاّ أَنَّهُنَّ إِذا كُنَّ أَسمَاء فهن يجرين مجْرى رجل وَنَحْوه ويكنَّ نكرَة بِغَيْر الْألف وَاللَّام ودخولُ الْألف وَاللَّام فِيهِنَّ يدلك على أنهنّ نكرَة إِذا لم يكن فيهنَّ ألفٌ وَلَام فأُجْرِيَتْ هَذِه الحروفُ مُجْرَى ابْن مَخَاض وَابْن لَبُون وأجريت الْحُرُوف الأول مُجْرَى سامٍّ أَبْرَصَ وأُمِّ حُبَيْنٍ وَنَحْوهمَا أَلا ترى أَن الْألف وَاللَّام لَا يدخلَانِ فِيهِنَّ قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن حُرُوف التهجي إِذا أردْت التهجي مبنياتٌ لِأَنَّهُنَّ حِكَايَة الْحُرُوف الَّتِي فِي الْكَلِمَة والحروفُ فِي الْكَلِمَة إِذا قُطِّعَت كلُّ حرف مِنْهَا مبنيٌّ لِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يَقع على الِاسْم بِكَمَالِهِ فَإِذا قصدنا إِلَى كل حرف مِنْهَا بنيناه وَهَذِه الْحُرُوف الَّتِي ذكرهَا من الْبَاء إِلَى الْفَاء إِذا بنيناها فَكل وَاحِد مِنْهَا على حرفين الثَّانِي مِنْهُمَا ألف فَهِيَ بِمَنْزِلَة لَا وَمَا فَإِذا جعلناهما أسماءاً مددنا فَقُلْنَا بَاء وتاء كَمَا نقُول لاءٌ وماءٌ إِذا جَنَحْنَا إِلَى جعلهَا أسماءاً وَتدْخلهَا الْألف وَاللَّام فتتعرف وَتخرج عَنْهَا فتتنكر وَمَا مضى من الْحُرُوف نَحْو لَيْت وَلَوْلَا يدخلهَا الْألف وَاللَّام فَجعل سِيبَوَيْهٍ حُرُوف التهجي نكرات إِلَّا أَن يدْخل عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام فَجرى مجْرى ابْن مَخَاض وَابْن لبون فِي التنكير وَجعل لَو وليت معارف فَجرى مجْرى سَام أَبْرَصَ وأُمٍّ حُبَيْنٍ لِأَنَّهُنَّ مشتركات فِي الِامْتِنَاع من دُخُول الْألف وَاللَّام وَالْفرق بَينهمَا أَن الْبَاء قد تُوجد فِي أَسمَاء كَثِيرَة فَيكون حكمهَا وموضعها فِي كل وَاحِد من الْأَسْمَاء على خلاف حكمهَا فِي الآخر كَقَوْلِنَا بَكْرٌ وضَرْبٌ وحِبْرٌ وَغير ذَلِك من الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال والحروف فَلَمَّا كثرت موَاضعهَا وَاخْتلفت صَار كل وَاحِد مِنْهَا نكرَة وَأما لَيْت وَلَو وَمَا أشبه ذَلِك فهن لَوَازِم فِي مَوضِع وَاحِد وَمعنى وَاحِد وَمَا اسْتعْمل مِنْهَا فِي أَكثر من مَوضِع فَذَلِك لَيْسَ بالشائع الْكثير ومواضعه تتقارب فَيصير كالمعنى الْوَاحِد وَمثل ذَلِك أَسمَاء الْعدَد فَإِذا عددتَ فَقتل وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أَرْبَعَة تبنيها لِأَنَّك لست تخبر عَنْهَا بِخَبَر تَأتي بِهِ وَإِنَّمَا تَجْعَلهُ فِي الْعبارَة عَن كل وَاحِد من الْجمع الَّذِي تعدّه كالعبارة عَن كل وَاحِد من حُرُوف الْكَلِمَة إِذا قطَّعتها وَذكر سِيبَوَيْهٍ أَن يُقَال وَاحِد اثْنَان فُيُشَمُّ الواحدُ الضَّمَّ وَإِن كَانَ مَبْنِيا لِأَنَّهُ مُتَمَكن فِي الأَصْل وَمَا كَانَ مُتَمَكنًا إِذا صَار فِي مَوضِع غير مُتَمَكن جعل لَهُ فَضِيلَة على مَا لم يكن مُتَمَكنًا قطّ قَالَ: وَزعم من يوثق بِهِ أَنه سمع من الْعَرَب ثَلَاثَة أَرْبَعَة فَطرح همزَة أَرْبَعَة على الْهَاء من ثَلَاثَة وَلم يحوّلها مَعَ التحريك وَمثل ذَلِك قَول الشَّاعِر:

(خَرَجْتُ من عِنْدِ زِيادٍ كالخَرِفْ ... تَخُطُّ رِجْلَايِ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ)

(تُكْتِّبَانِ فِي الطِّرِيقِ لَامَ ألِفْ ... )

فَألْقى حَرَكَة ألف على مِيم لَام وَكَانَت سَاكِنة فَفَتحهَا وَلَيْسَت هَذِه الْحَرَكَة حَرَكَة يُعْتَدُّ بهَا وَإِنَّمَا هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>