وزن الْفِعْل فَلَمَّا قَالَ قَرْقَارِ وعَرْعَارِ فَخَالف اللفظُ الأوّل الثَّانِي علمنَا أَنه مَحْمُول على قَرْقِر وعَرْعِر لَا على حِكَايَة عَارِ عَارِ وقَارِ قَارِ وعَرْعَار - لعبة للصبيان كَمَا قَالَ النَّابِغَة:
(يَدْعُو وَلِيدُهُم بهَا عَرْعَارِ ... )
وَمعنى قَوْله أَيْضا:
(واخْتَلَطَ المعروفُ بالإِنْكَارِ ... )
يُريدُ المطرَ أصابَ كُلَّ مكانٍ مِمَّا كَانَ يَبْلُغه المطرُ وَيعرف وَمِمَّا كَانَ لَا يبلغهُ المطرُ وَيَتْلُو بُلُوغهُ إِيَّاه وَالْوَجْه الرابعُ إِذا سميت بِشَيْء من الْوُجُوه الثَّلَاثَة امرأةٌ فَإِن بني تَمِيم ترفعه وتنصبه وتُجْرِيه مجْرى اسْم لَا ينْصَرف وَهُوَ القياسُ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَاحْتج بِأَن نَزَالِ فِي معنى انْزِل وَلَو سمينا بانْزِلْ امرأةٌ لَكنا نَجْعَلهَا معرفَة وَلَا نصرفها فَإِذا عدلنا عَنهُ نَزال وَهِي اسْم فَهِيَ أَخَفُّ أَمْراً من الْفِعْل الَّذِي هُوَ أفْعَل وَقد ردَّه أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فَقَالَ القياسُ قولُ أهل الحجازِ لِأَن أهل الحجازِ يُجْرُونَ ذَلِك مُجْراه الأوَّل فيكسرون وَيَقُولُونَ فِي امْرَأَة اسْمه حَذَامِ هَذِه حَذامِ وَرَأَيْت حَذَامِ ومررت بِحَذَامِ وَبَنُو تيميم يَقُولُونَ هَذِه حَذَامُ وَرَأَيْت حذامَ ومررتُ بحذامَ وَذكر الْمبرد أَن التَّسْمِيَة بنَزَال أقوى فِي الْبناء من التَّسْمِيَة بانْزِلْ لِأَن انْزِل هُوَ فِعْل فَإِذا سمينا بِهِ وَقد نَقَلْنَاهُ عَن بَابه فَلَزِمَهُ التَّغْيِير كَمَا أَنا نقطع ألف الْوَصْل مِنْهُ فنغيره عَن حَال الْفِعْل وفَعَالِ هِيَ اسمٌ فَإِذا سمينا بهَا لم نغيرها لأَنا لم نخرجها عَن التَّسْمِيَة كَمَا أَنا لَو سمينا بانطلاقٍ لم نقطع الْألف لِأَن انْطلاقاً اسمٌ فَلَمَّا لم نخرجهُ عَن الاسمية أجرينا عَلَيْهِ لَفظه الأوَّل فَأَما الكسرُ فِي لُغَة أهل الْحجاز فالعلةُ فِيهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَنه محمولٌ على نَزَالِ وتَرَاكِ للعدل والنباء والتعريف والتأنيث فَلَمَّا اجْتمعَا فِي هَذِه الْأَشْيَاء حمل عَلَيْهِ وَقد أجْرى زُهَيْر نَزَالِ هَذَا المَجْرَى حِين أخبر عَنْهَا وَجعلهَا اسْما فَقَالَ:
(ولأَنْتَ أَشْجَعُ من أُسامَةَ إِذْ ... دُعِيَتْ نَزَالِ ولُجَّ فِي الذُّعْرِ)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما مَا كَانَ آخِره رَاء فَإِن أهل الْحجاز وَبني تَمِيم متفقون ويختار بَنو تَمِيم فِيهِ لُغَة أهل الْحجاز كَمَا اتَّفقُوا فِي يَرَى والحجازيةُ هِيَ اللُّغَة القُدْمَى قَالَ أَبُو سعيد: اعْلَم أَن بني تَمِيم تركُوا لغتهم فِي قَوْلهم هَذِه حَضَارِ وسَفَارِ وتبعوا لُغَة أهل الْحجاز بِسَبَب الرَّاء وَذَلِكَ أَن بني تَمِيم يختارون الإمالةَ وَإِذا ضمُّوا الرَّاء ثَقُلَتْ عَلَيْهِم الإمالةُ وَإِذا كسروها خَفَّتِ الإمالةُ أَكثر من خفتها فِي غير الرَّاء لِأَن الرَّاء حرف مُكَرر والكسرة فِيهَا مكررة كَأَنَّهَا كسرتان فَصَارَ كسرُ الرَّاء أقوى فِي الإمالة من كسر غَيرهَا وَصَارَ ضم الرَّاء فِي منع الإمالة أشدَّ من منع غَيرهَا من الْحُرُوف فَلذَلِك اخْتَارُوا موافقةَ أهل الْحجاز كَمَا وافقوهم فِي يَرَى وَبَنُو تَمِيم من لغتهم تحقيقُ الْهَمْز وأهلُ الْحجاز يخففون فوافقوهم فِي تَخْفيف الْهمزَة من يرى قَالَ سيبوين: وَقد يجوز أَن يُرْفَعَ ويُنْصَبَ مَا كَانَ فِي آخِره الرَّاء قَالَ الْأَعْشَى:
(مَرَّ دَهْرٌ على وبَارِ ... فَهَلَكَتْ جَهْرَةٌ وَبَارُ)
والقوافي مرفوعةٌ وأولَّل القصيدة:
(ألم تَرَوْا إرَماً وعاداً ... أَوْدَى بهَا الليلُ والنهارُ)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فمما جَاءَ وَآخره الرَّاء سَفَارِ - وَهُوَ اسْم ماءٍ وحَضَارِ - وَهُوَ اسْم كَوْكَب ولكنهما مؤنثان كمَاوِيَّة والشِّعْرَى كَأَنَّ تِلْكَ اسمُ الماءَةِ وَهَذِه اسمُ الكَوْكَبَةِ قَالَ أَبُو سعيد: أَرَادَ سِيبَوَيْهٍ أَن سَفَارِ وَإِن كَانَ اسْم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute