للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ماءٍ والماءُ مُذَكّر فَإِن الْعَرَب قد تؤنث بعضَ مياهها فَيَقُولُونَ ماءةُ بني فلَان وَهُوَ كثير فِي كَلَامهم فكأنَّ سَفَارِ اسمُ الماءَة وحَضَارِ وَإِن كَانَ اسْم كَوْكَب والكوكبُ ذَكَرٌ فَكَأَنَّهُ اسْم الكَوْكَبَةِ فِي القتدير لِأَن الْعَرَب قد أنثت بعضَ الْكَوَاكِب فَقَالُوا الشِّعْرَى والزُّهْرَة إِذْ كَانَ مَبْنَى هَذَا الْبَاب أَن يكون معرفَة مؤنثاً معدولاً وَأما قَوْله كماوِيَّة فَإِنَّمَا أَرَادَ أَن سَفَارِ وحَضَارِ مؤنثان كماوِيَّة والشَّعْرَى فِي التَّأْنِيث والأغلبُ أَن التَّمْثِيل بماوِيَّة غَلَطٌ وَقع فِي الْكتاب وَإِن كَانَت النّسخ متفقةٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا هُوَ كماءةٍ وَهُوَ أشبهُ لِأَن سَفَارِ ماءٌ وَالْعرب قد تَقول للْمَاء المورود ماءةٌ قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ الفرزدق:

(مَتَى ماتَرِدْ يَوْمًا سَفَارِ تَجِدْ بهَا ... أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَجِيزَ المُعَوَّرا)

وَاسْتدلَّ سِيبَوَيْهٍ على أَن نَزَالِ وَمَا جرى مجْراهَا مُؤَنّثَة بقوله دُعِيَتْ نَزَالِ وَلم يقل دُعِيَ وَكَانَ الْمبرد يحتد بِكَسْر قَطَامِ وحَذَامِ وَمَا أشبه ذَلِك إِذا كَانَ اسْما علما لمؤنث أَنَّهَا معدولة عَن قاطمة وحاذِمَة عَلَمَيْنِ وأنهما لم تكن تَنْصَرِف قبل الْعدْل لاجماع التَّأْنِيث والتعريف فِيهَا فَلَمَّا عُدِلَت ازدادتْ بِالْعَدْلِ ثِقَلاً فَحُطَّت عَن منزلَة مَا لَا ينْصَرف وَلم يكن بعدَ منع الصّرْف إِلَّا البناءُ فبنيت وَهَذَا قَول يفْسد لِأَن الْعِلَل المانعةَ للصرف يَسْتَوِي فِيهَا أَن تكون عِلَّتَانِ أَو ثلاثٌ لَا يُزَاد مَا لَا ينْصَرف بورود عِلّة أُخْرَى على منع الصّرْف وَلَا يُوجب لَهُ الْبناء لأَنا لَو سمينا رجلا بأحمر لَكنا لَا نصرفه لوزن الْفِعْل والتعريف وَلَو سمينا بِهِ أمْرَأَة لَكنا لَا نصرفه أَيْضا وَإِن كُنَّا قد زدناه ثقلاً وَاجْتمعَ فِيهِ وزنُ الْفِعْل والتعريفُ والتأنيثُ وَكَذَلِكَ لَو سمينا امْرَأَة بِإِسْمَاعِيل أَو يقعوب لَكنا لَا نزيدها على منع الصّرْف وَقد اجْتمع فِيهَا التَّأْنِيث والتعريف والعُجْمَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَاعْلَم ان جَمِيع مَا ذكرنَا فِي هَذَا الْبَاب من فَعَالِ مَا كَانَ مِنْهُ بالراء وَغير ذَلِك إِذا كَانَ شَيْء مِنْهُ اسْما لمذكر لم يَنْجَرَّ أبدا وَكَانَ الْمُذكر فِي ذَلِك بِمَنْزِلَتِهِ إِذا سمي بعَنَاق لِأَن هَذَا الْبناء لَا يَجِيء معدولاً عَن مُذَكّر قَالَ أَبُو سعيد: يُرِيد ان فَعَالِ فِي الْوُجُوه الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرنَا مُؤَنّثَة وَأَنا إِن سمينا بهَا رجلا أَو شَيْئا مذكراً كَانَ غير منصرف ودخله الإعرابُ وَكَانَ بِمَنْزِلَة رجل سمي بعَنَاقِ وَهُوَ لَا ينْصَرف لِاجْتِمَاع التَّأْنِيث والتعريف فِيهِ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَو جَاءَ شَيْء على فَعَالِ وَلَا تَدْرِي مَا أَصله أمعدولٌ أم غير معدول أم مُذَكّر أم مؤنث فالقياسُ فِيهِ أَن تصرفه لِأَن الْأَكْثَر من هَذَا الْبَاب مصروفٌ غير معدول مثلُ الذّهاب والفَسَادِ والصَّلاحِ والرَّبابِ وَذَلِكَ كلُّه منصرفٌ لِأَنَّهُ مُذَكّر فَإِذا سميتَ بِهِ رجلا فَلَيْسَ فِيهِ من الْعِلَل إِلَّا التَّعْرِيف وَحده وَهُوَ أَكثر فِي الْكَلَام من المعدول وجملةُ ذَلِك لَا يَجْعَلُ شَيْئا من ذَلِك معدولاً إِلَّا مَا قَامَ دليلُه من كَلَام الْعَرَب قَالَ أَبُو سعدي: سِيبَوَيْهٍ يرى ان فَعَالِ فِي الْأَمر مطردٌ قياسُها فِي كل مَا كَانَ فِعْلُه ثلاثياً من فَعَلَ أَو فَعُلَ أَو فَعِلَ فَقَط وَلَا يجوز الْقيَاس فِيمَا جَاوز ذَلِك إِلَّا فِيمَا سمع من الْعَرَب وَهُوَ قَرْقَارِ وعَرْعَارِ وَمَا كَانَ من الصِّفَات المصادر فَهُوَ أَيْضا عِنْده غير مطرد إِلَّا فِيمَا سمع مِنْهُم نَحْو حَلَاقِ وفَجَارِ ويَسَار وتطرد هَذِه الصفاتُ فِي النداء كَقَوْلِك يَا فَساقِ وَيَا خَبَاثِ وجميعُ مَا يطرد فِيهِ الْأَمر من الثلاثي والنداءُ فِيمَا كَانَ أصلُه ثلاثةَ أحرف فَصَاعِدا وبعضُ النَّحْوِيين لَا يَجْعَل الْأَمر مطرداً من الثلاثي وأذكر مَا حَكَاهُ أهل اللُّغَة مِمَّا لَا يطرد قَالَ أَبُو عبيد: سَبَبْتُهُ سُبَّةً تكون لَزامِ - أَي لازِمَةً وَقَالَ: كَوَيْتُه وَقَاعِ - وَهِي الدَّارةُ على الجاعِرَتَيْنِ وحيثما كَانَت وَلَا تكون إِلَّا دارةً وَأنْشد:

(وَكُنْتُ إِذا مُنِيتُ بِخَصْمِ سَوْءٍ ... دَلَفْتُ لَهُ فَأَكْوِيهِ وَقَاعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>