وَيْلُمِّه وعَلى الْألف فِي هَلُمَّ من جِهَة أُخْرَى وَهِي أَن هذَيْن الحرفين لما ضُمَّا إِلَى غَيرهمَا وَكثر استعمالُها صَارا بِمَنْزِلَة الْكَلِمَة الْوَاحِدَة الْمُتَّصِلَة من أجل اللُّزُوم والحذفُ وسائرُ ضروب التَّغْيِير والاعتلالِ إِلَى المتصلِ أَسْوَغُ وأَوْجَهُ مِنْهُ إِلَى الْمُنْفَصِل فالحذفُ فِي هذَيْن الحرفين لَا يُسَوِّغُ مَا لَا يَسُوغُ فِي غَيرهمَا لما ذَكرْنَاهُ من شدَّة الِاتِّصَال ويَدُلُّكَ على شِدَّةِ اتصالِهما أَنهم اشْتَقُّوا مِنْهُمَا وهما مركبان كَمَا يُشْتَقُّ من المفردين قَالَ أَبُو زيد: يُقَال رجل وَيْلُمَّةٌ والوَيْلُمَّة من الرِّجَال الداهية وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قَالَ لَك هَلُمَّ فقلْ لَا أَهْلُمَّ فَهَذَا يدل على إجرائهم الْكَلِمَتَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُجْرَى الْمُفْرد فاشْتُقَّ مِنْهُمَا كَمَا اشْتُقَّ من الْمُفْرد فعلى حَسَبِ هَذَا حَسُنَ الْحَذف مِنْهُمَا كَمَا يحسن من الْكَلم المُفْرَدِ والمفرد والمتصل وَمَا جرى مجراهما يكون فيهمَا من الْحَذف مَا لَا يكون فِي غَيرهمَا من الْمُنْفَصِل فِي جَمِيع أَبْوَاب الْعَرَبيَّة أَلا ترى أَنَّك تُدْغِمُ مثلَ مَدَّ وفَرَّ وَمَا أشبه ذَلِك لَا يكون فِيهِ غير الْإِدْغَام وأنتَ فِي جَعَلَ لَكَ وفَعَلَ لبيد مُخَيّر بَين الْإِدْغَام وَالْبَيَان وَكَذَلِكَ مَا فِي الْآيَة يمْتَنع الحذفُ من الْحَرْف فِيهِ لِأَنَّهُ مُنْفَصِل فَهَذِهِ جِهَة أُخْرَى يمْتَنع لَهَا الْحَذف من الْحَرْف ويَضْعُفُ فَأَما مثل: {ولكَن انْظُر إِلَى الجبَلِ} [الْأَعْرَاف: ١٣٣] و {فانْظُر إِلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ} [الرّوم: ٥٠] و {فاذْهَبْ أَنْتَ ورَبُّكَ} [الْمَائِدَة: ٢٤] فحذفُه مطردٌ قياسيٌ وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب فَهَذَا شيءٌ عَرض فِي هَذَا الْمَسْأَلَة مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ ثمَّ نعود إِلَيْهَا فَأَما القولُ الَّذِي قَالَه سِيبَوَيْهٍ فِي اسْم الله عز وَجل فَهُوَ: أَن الِاسْم أَصله لَاهٌ ووزنه على هَذَا فَعَلٌ اللَّام فَاء الْفِعْل وَالْألف منقلبة عَن الْحَرْب الَّذِي هُوَ الْعين وَالْهَاء لَام وَالَّذِي دلهم على ذَلِك أَن بَعضهم يَقُول لَهْيَ أَبُوكَ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَقلت الْعين وَجعل اللَّام سَاكِنة إِذْ صَارَت مَكَان الْعين كَمَا كَانَت الْعين سَاكِنة وَتركُوا آخر الِاسْم مَفْتُوحًا كَمَا تركُوا آخر أَيْنَ مَفْتُوحًا وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك حَيْثُ غيروه لكثرته فِي كَلَامهم فغيروا إعرابه كَمَا غيروه فالألفُ على هَذَا القَوْل فِي الِاسْم منقلبةٌ عَن الْيَاء لظهورها فِي مَوضِع اللَّام المقلوبة إِلَى مَوضِع الْعين وَهِي فِي الْوَجْه الأول زائدةٌ لفِعالٍ غيرُ منقلبة عَن شَيْء واللفظتان على هَذَا مُخْتَلِفَتَانِ وَإِن كَانَ فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بعضُ حروفِ الْأُخْرَى وَذكر أَبُو الْعَبَّاس فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كِتَابه المترجم بالغلط فَقَالَ: قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِيهِ: إِن تَقْدِيره فِعَالٌ لِأَنَّهُ اِلَهٌ والألفُ واللامُ فِي الله بدلٌ من الْهمزَة فَلذَلِك لزمتا الاسمَ مثل أُناسٍ والناسِ ثمَّ قَالَ: إِنَّهُم: يَقُولُونَ لَهْيَ أَبوك فِي معنى لِلِّهِ أبوكَ فَقَالَ: يُقَدِّمُونَ اللامَ ويؤخرون الْعين قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذَا نَقْضٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ أوَّلاً إِن الْألف زائدةٌ لِأَنَّهَا ألفُ فِعالٍ ثمَّ ذكر ثَانِيَة أَنَّهَا عين الْفِعْل وَهَذَا الَّذِي ذكره أَبُو الْعَبَّاس من أَن هَذَا القَوْل نَقْضٌ مُغالَطَةٌ وإ، مَا كَانَ يكون نَقْضاً لَو قَالَ فِي حرف وَاحِد من كلمة وَاحِدَة وَتَقْدِير وَاحِد إِنَّه زِيَادَة ثمَّ قَالَ فِيهَا نَفسهَا إِنَّه أصلٌ فَهَذَا لَو قَالَه فِي كلمة بِهَذِهِ الصّفة لَكَانَ لَا محَالة فَاسِدا كَمَا أَن قَائِلا لَو قَالَ فِي تُرْتُبٍ إِن التَّاء مِنْهُ زَائِدَة ثمَّ قَالَ فِي تُرْتَب إِنَّهَا أصل والكلمة بِمَعْنى وَاحِد من حُرُوف بِأَعْيَانِهَا فِي الْكَلِمَة الأولى لَكَانَ فَاسِدا منتقضاً لِأَنَّهُ جعل حرفا وَاحِدًا من كلمة وَاحِدَة فِي تَقْدِير وَاحِد فَلَا يَسْتَقِيم لذَلِك أَن يحكم بهما عَلَيْهِ فَأَما إِذا قدَّر الْكَلِمَة مُشْتَقَّة من أصلين مُخْتَلفين لم يمْتَنع أَن يحكم بِحرف فِيهَا أَنه أصل وَيحكم على ذَلِك الْحَرْف أَنه زَائِد لِأَن التَّقْدِير فيهمَا مُخْتَلف وَإِن كَانَ اللَّفْظ فيهمَا مُتَّفقا أَلا ترى أَنَّك تَقول مَصِيرٌ ومُصْرانٌ ومَصَارِين ومَصِيرٌ من صَارَ يَصِيرُ فَتكون الْيَاء من الأولى زَائِدَة وَمن الثَّانِيَة أصلا فَلَا يمْتَنع لاتِّفَاقهمَا فِي اللَّفْظ أَن يحكم على هَذَا بِالزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ مَسِيلٌ إِن أَخَذته من سَالَ يَسِيلُ أَو أَخَذته من مَسَلَ كَانَ فَعِيلاً وَكَذَلِكَ مَوْأَلَةٌ أَن جعلته مَفْعَلَةٌ من وَأَلَّ وَإِن جعلته من قَوْلهم رجل مَأْلٌ أَي خَفِيف وَامْرَأَة مَأْلَةٌ كَانَ فَوْعَلَة وَكَذَلِكَ أُثْفِيَّة إِن أَخَذته من تَأَثُّفنا بالمكانِ وَكَذَلِكَ أَرْوَى إِن توّنثَه جَازَ أَن يكون أَفْعَلَ مثل أَفْكَلَ وَأَن يكون فَعْلَى مثل أَرْطَى وَإِن لم تنونه كَانَ فَعْلَى وَالْألف فِيهِ مثل حُبْلَى وَكَذَلِكَ أُرْبِيَّة لأصل الفَخِذِ إِن أَخَذته من التأريب الَّذِي هُوَ التوفير من قَوْلك أَرَّبْتُ الشيءَ إِذا وَفَّرْته وَقَوْلهمْ أَرِيبٌ إِذا أَرَادوا بِهِ ذُو تَوَفُّرٍ وكَمَالٍ فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute