للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن قطعهَا لَيْسَ لانفتاحها وَلَو كَانَ لوَجَبَ أَن تقطع فِي غير هَذَا الْموضع لدُخُول الانفتاح فَلَمَّا لم تُقْطَع فِي الْحَرْف الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ ايم الله وايمن الله وَلم تقطع فِي غير هَذَا الِاسْم علمنَا أَن الانفتاح لَيْسَ بعلة مُوجبَة للْقطع وَإِذا لم يكن ذَلِك ثَبت أَنه مَا ذَكرْنَاهُ من الْعِوَض فَإِن قدرته على التَّخْفِيف القياسي فَكَانَ الأَصْل الاله ثمَّ خففت الْهمزَة وَمَا قبلهَا سَاكن فحذفتها وألقيت حركتها على السَّاكِن فَاجْتمع مثلان فسكنت الأولى فأدغمت وعَلى هَذَا التَّقْدِير قَوْله جلّ وَعز: {لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي} [الْكَهْف: ٣٨] إِلَّا أَن توجبه الِاسْم على مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ القولُ لما ذكرتُ وَذكر أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس أَن الْكسَائي أجَاز بِمَا أُنْزِلَّيْكَ فِي قَوْله: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك} [الْبَقَرَة: ٤] وأدغمَ اللامَ الأولى فِي الثَّانِيَة وَشبهه بقوله: {لكنَّا هُوَ الله رَبِّي} [الْكَهْف: ٣٨] وَهَذَا خطأ لِأَن مَا قبل الْهمزَة من لكنْ أَنا ساكنٌ فَإِذا خففتَ حذفتَ فألقيتَ الحركةَ على السَّاكِن وَمَا قبل الْهمزَة فِي أُنْزِلَ إِلَيْك مُتَحَرِّكٌ فَإِذا خففت لم يجز الحذفُ كَمَا جَازَ فِي الأوّل لَكِن تجْعَل الْهمزَة بَيْنَ بَيْنَ فَإِذا لم يجزِ الحذفُ لم يجز الإدغامُ لِحَجْزِ الحَرْفِ بَين المِثْلَيْنِ وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو الْعَبَّاس ظاهِرٌ بَيِّنٌ فَإِن قَالَ قَائِل: تحذف الْهمزَة حذفا كَمَا حذفتْ من النَّاس قيل أما الْخَطَأ فِي التَّشْبِيه فحاصل إِذْ شُبِّهَ بَين مُخْتَلفين من حيثُ شُبِّهَ فَأَما هَذَا الضربُ من الْحَذف فَلَا يَسُوغُ تَجْوِيزُه حَتَّى يتقدمه سَمَاعٌ أَلا ترى أَنه لَا يجوز حذفُ الْهمزَة من الاِبَاءِ والاِيَابِ كَمَا جَازَ فِي النَّاس وَلَيْسَ كَذَلِك الْحَذف فِيمَا كَانَ من الهمزات مَا قبله ساكِنٌ لِأَن حذفَ ذَلِك قياسٌ مطرد وأصل مستمرّ فَإِن قَالَ: أفليس الهمزةُ قد حُذِفَتْ من قَوْلهم ويْلُمِّهِ وَفِي قَوْلهم ناسٌ وَفِي اسْم الله عز وَجل وكلُّ ذَلِك قد حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَذهب إِلَى حذف الْهمزَة فِيهِ فَمَا أنْكرت أَن يكون حذفُ الْهمزَة والمبتدأة كثيرا يجوز حملُ القياسِ عَلَيْهِ ورَدُّ غَيره إِلَيْهِ وَقد ذهب الْخَلِيل إِلَى حذف الْهمزَة من لَنْ فِي قَوْلهم لَنْ أَفْعَلَ وَقَالَ هُوَ لَا أنْ قيل لَهُ ليستْ هَذِه الحروفُ من الْكَثْرَة والسَّعَةِ بِحَيْثُ يُقَاس غيرُها عَلَيْهَا إِنَّمَا هِيَ حُرُوف كثر اسْتِعْمَالهَا فَحذف بَعْضُهَا وعُوِّضَ من حَذْفِها وَلَيْسَت الهمزةُ فِي الْآيَة إِذا حُذِفَتْ عِنْد الْكسَائي بِمُعَوَّض مِنْهَا شيءٌ يُحْذَفَ مِنْهَا غيرُهَا من الْكَلَام للإدغام والقياسُ على هَذِه الحروفُ لَا يُوجب حذفَهَا إِذْ لَا عِوَضَ مِنْهَا كَمَا حُذِفَ من هَذِه الْحُرُوف لَمَّا عُوِّض مِنْهَا فَإِن قلت: فإنَّ قولَهم ويْلُمِّهِ حُذِفَ وَلم يُعَوَّض مِنْهُ شيءٌ فَإِن القياسَ على هَذَا الفذِّ الشاذِّ غيرُ سَائِغ وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي الْمَقِيس عَلَيْهِ معنى أوجبه شَيْء لَيْسَ فِي الْمَقِيس مثلُه وَهُوَ كثرةُ الِاسْتِعْمَال أَلا ترى أَنَّك تَقول لَا أَدْرِ وَلم أُبَلْ فَتَحذفُ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تَقِيسُ عَلَيْهِ غَيره إِذا كَانَ مُتَعَرِّياً من الْمَعْنى المُوجِبِ فِي هَذَا الحذفِ فَلذَلِك لَا تقيس على ويْلُمِّه مَا فِي الْآيَة من حذفِ الْهمزَة إِذْ لَا يَخْلُو الحذفُ فِيهَا من أَن يكون لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا ذكرنَا أَو لِأَنَّهَا همزةٌ مبتدأةٌ فَلَو كَانَ الحذفُ لِأَنَّهَا همزَة مُبتَدأَة لوَجَبَ حذفُ كُلِّ همزةٍ مبتدأةٍ وَذَلِكَ ظاهرُ الْفساد فَثَبت مَا ذَكرْنَاهُ وَيفْسد حذف هَذَا من جِهَة أُخْرَى وَهُوَ أ، هـ إِذا سَاغَ الْحَذف فِي بعض الْأَسْمَاء أَو الْأَفْعَال لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو الاستثقال أَو ضَرْبٍ من الضروب لم يجز حذفُ الحروفِ قياساُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ قَبِيلٌ غَيرهمَا ونوعٌ سواهُمَا فحكمُه غيرُ حكمِهما إِلَّا أَن الحذفَ لم يَجِيء فِي شَيْء من الْحُرُوف إِلَّا فِي بعض مَا كَانَ مضاعفاً نَحْو رُبَّ وأنَّ وكأنَّ وَلم يَجِيء فِي كل ذَلِك لم نعلمهُمْ حذفوا من ثُمَّ وَلَيْسَ إِلَى مُضاعفاً فَيجوز ذَلِك وَلها ذهب أهلُ النّظر فِي الْعَرَبيَّة إِلَى تَغْلِيب معنى الِاسْم على مُذْ لمَكَان الْحَذف وتغليب معنى الْحَرْف على مُنْذُ لتمامها فَلَو جَازَ الحذفُ فِي الْأَسْمَاء وَفِي نَحْو ذَا لم يجز الْحَذف من الْحُرُوف قِيَاسا عَلَيْهَا لقلَّة الْحَذف من الْحُرُوف وَلم نعلم الحروفَ حَذِفَ مِنْهَا شَيْء إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ والألفَ من هَا الَّتِي للتّنْبِيه من قَوْلهم هَلُمَّ وَذَلِكَ لِكَثْرَة استعمالهم وبنائه مَعَ غَيره وَلَيْسَ فِي الْحَرْف الَّذِي فِي الْآيَة شَيْء من ذَلِك فتجويز هَذَا فَاسد فِي الْعَرَبيَّة وقياسِها لما ذكرتُ فَأَما مَا ذهب إِلَيْهِ الخليلُ فِي لَنْ يتبعهُ فِي ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَلَا كثير من أَصْحَابه وَيفْسد قياسُ حذف الْهمزَة من إِلَى على الَّتِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>