محذوفةً فَهِيَ من الْكَلِمَة ونظيرُ ذَلِك مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من أَن بضعَهم يميلُ الألفَ فِي مادٍّ وشاذٍّ للكسرة المنوية فِي عين فاعِلِ المدغمة وَمِنْهُم من يقولُ هَذَا ماش فِي الْوَقْف فيميل الألفَ فِي الْوَقْف وَإِن لم يكن فِي لفظ الْكَلِمَة كسرة فَكَذَلِك الألفُ فِي الله تجوز إمالتُها وَإِن لم تكن الكسرة ملفوظاً بهَا، وَتجوز إمالتُها من جِهَة أُخْرَى وَهِي أَن لامَ الْفِعْل مُنْجَرَّة فَتجوز الإمالة لانجرارها قَالَ سِيبَوَيْهٍ: سمعناهم يَقُولُونَ من أهل عادٍ ومررت بِعِجْلَاتِكَ فأمالوا للجر فَكَذَلِك أَيْضا تجوز الإمالة فِي الْألف من اسْم الله فَإِن كَانَت الْألف فِي الِاسْم عينا لَيست بزائدة جَازَت إمالَتُهَا وَحَسُنَتْ فِيهَا إِذا كَانَ انقلابها عَن الْيَاء بِدلَالَة قَوْلهم: لَهْيَ أَبوك وظهورِ الْيَاء لَمَّا قُلبتْ إِلَى مَوضِع اللَّام فَإِذا لم تَخْلُ الألفُ من الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرنَا كَانَ جوازُ الإمالةِ فِيهِ على مَا رَأينَا عُلمَتْ صحتُه فَإِن ثَبَتَتْ بِهِ قِرَاءَة فَهَذِهِ جهةُ جوازِها إِن شَاءَ الله قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَأما {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} [الْفَاتِحَة: ١] فالرَّحْمنُ اسمُ اللهِ خَاصَّة لَا يُقَال لغير الله رَحْمنُ وَمَعْنَاهُ المبالغ فِي الرَّحْمَة أرْحم الرَّاحِمِينَ وفَعْلَانُ من بِنَاء الْمُبَالغَة تَقول للشديد الامتلاء ملآنُ وللشديد الشِّبِع شَبْعَانُ وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ هُوَ عِبْرانِيّ وَهَذَا مَرْغُوب عَنهُ وَلم يحك هَذَا أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه قَالَ: والرحيم هُوَ اسْم الْفَاعِل من رَحِيمَ فَهُوَ رَخِيمٌ وَهُوَ أَيْضا للْمُبَالَغَة قَالَ غَيره: أصلُ الرَّحْمَةِ النعمةُ من قَوْله: {هذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الْكَهْف: ٩٨] أَي نِعْمَةٌ وَقد يُقَال فِي قلب فلَان رحمةٌ لفُلَان على معنى الرِّقَّةِ وَلَيْسَ بِأَصْل ويَدُلُّكَ على أَن أصلَه النِّعْمَة دون الرِّقَّة قولُهم رَحِمَهُ الطبيبُ بِأَن استقصَى علاجَه أَي أحسن إِلَيْهِ بذلك وأنعم عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قد آلمه بالبَطِّ وَمَا جرى مجْرَاه من الجَبْرِ وَغَيره والصفتانِ جَمِيعًا من الرَّحْمَة النعمةُ من قَوْله: {هذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الْكَهْف: ٩٨] أَي نِعْمَةٌ وَقد يُقَال فِي قلب فلَان رحمةٌ لفُلَان على معنى الرِّقَّةِ وَلَيْسَ بِأَصْل ويَدُلُّكَ على أَن أصلَه النِّعْمَة دون الرِّقَّة قولُهم رَحِمَهُ الطبيبُ بِأَن استقصَى علاجَه أَي أحسن إِلَيْهِ بذلك وأنعم عَلَيْهِ وغن كَانَ قد آلمه بالبَطِّ وَمَا جرى مجْرَاه من الجَبْرِ وَغَيره والصفتانِ جَمِيعًا من الرَّحْمَة وهما للْمُبَالَغَة إِلَّا أَن فَعْلَانَ أَشَدُّ مُبَالغَة عِنْدهم من فعيل كَذَا قَالَ الزّجاج: وحقيقةُ الرحمةِ الإنعام على الْمُحْتَاج يدل على ذَلِك أَن إنْسَانا لَو أهْدى إِلَى مَلَكٍ جوهراً لم يكن ذَلِك رَحْمَة مِنْهُ وَإِن كَانَ نعْمَة يسْتَحق بهَا الْمُكَافَأَة والشُّكْرَ وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الصفتان جَمِيعًا للْمُبَالَغَة فِي وصف الله تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ ليُدَلَّ بذلك أَن نِعَمهُ على عباده أَكثر وَأعظم من كل مَا يجوز أَن يُنْعِمَ بِهِ سواهُ وَأَنه قد أنعم بِمَا لَا يقدر أحدٌ أَن يُنْعِم بِمثلِهِ وَيُقَال لم قَدَّم ذِكْرَ الرَّحْمنِ وَهُوَ أشدُّ مُبَالغَة وَإِنَّمَا يبْدَأ فِي نَحْو هَذَا بِالْأَقَلِّ ثمَّ يُتْبَعُ الأكثرَ كَقَوْلِهِم فلانٌ جوادٌ يُعْطِي العَشَراتَ والمِئِينَ والأُلوفَ وَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَنه بُدِئَ بِذكر الرَّحْمَن لِأَنَّهُ صَار كَالْعلمِ إِذْ كَانَ لَا يُوصف بِهِ إِلَّا اللهُ جَلَّ وَعز وحُكْمُ الأَعْلَامِ وَمَا كَانَ من الْأَسْمَاء أعرفَ أَن يُبْدَأ بِهِ ثمَّ يتبعَ الأَنْكَرَ وَمَا كَانَ فِي التَّعْرِيف أنقصَ هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَغَيره من النَّحْوِيين فجَاء على منهاج كَلَام الْعَرَب وَقيل الرحمنُ صفة لله تَعَالَى وَجل وَعز قيل مَجِيء الْإِسْلَام وأنشدوا لبَعض شعراء الْجَاهِلِيَّة:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute