للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لقد أضاف هربرت سبنسر على العدل وكنا في الحقيقة غريباً عنهز إذا ضرب زيد عمراً فاقتص منه عمرو بضربه أو لو أتلف زيد مزرعة عمرو فجازاه عمرو بإتلاف مزرعته لما كان في هذا شيء من العدلز ن الإنتقام من المشيء ومجازاة الجرم بالإجرام أفكار الجمعية الإنسانية الساذجة التي كانت ترى من الظلم عدل. أخذت الإنسانية بأسباب الرقي وسارت في طريق التقدم ونشأ في العقول رأي ما زال ينمو ويشرق حتى ظهر أخيراً على لسان فيلسوفنا الكبير هربرت سبنسر إذ يقول كل إنسان حر في أن يعمل تبع إرادته بشرط أن لا يعتدي على حرية غيره ومعنى ذلك أن العدل لا يكون إلا مع الحرية الملتزمة حد الإعتدال وأن التضييق على الحرية غير جائز إلا إذا دعت إليه ضرورة التوازن والمساواة بين الناس. يشدد هربرت سبنسر النكير على تلك البدعة الحديثة في تعريف العدل بالمساواة ويرى أن للعدل ركنين أيجابياً وسلبياً فالأول كل ما كان ضرورياً لحياة الإنسان على وجه الإجمال والثاني يقلل من تلك الحاج ويجدد من قيمتها بسبب أن الإنسان غير عائش بمعزل عن الناس.

ومن رأينا أن هذا المذهب صالح مكين غير قابل للنقد إلا في شكله فأنا لا نرى أن نجعل الحرية داخلة في كيان العدل بل نؤثر أن نعدها الغاية القصوى التي ينتهي إليها العدل فنحن وهربرت سبنسر مجتمعون على أن العدل وحده غير كاف لتحديد الواجب وتشخيصه.

آداب المرء نوعان بصفته فرداً منعزلاً عن العالم وآدابه بصفته عضواً متمماً للمجتمع. فالعدل هو ما يجب عليه التمسك به على الاعتبار الثاني وينبغي لنا أن نبحث عما يلزمه على الاعتبار الأول.

يرى هربرت سبنسر أن غرض الإنسان في الحياة الحرية. أي أن يكون مطلق السراح رخي العنان لا يعوق أعضاءه عن الحركة عائق ولا يمنع فكره عن الرقي مانع وهذا رأي صائب نوافقه عليه ونرى فيه رأياً جامعاً لما يجب على الإنسان باعتباره فرداً وقد خالفنا بعض الكتاب في ذلك حيث قال أن السعادة هي غرض الإنسان في الحياة ومحط رحاله والغاية التي تنتهي إليها آماله.

وهذا رأي مردود فاسد واهي الأساس دعامته تلك النظرية القائلة بأن غرض جميع الأجسام