للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مطرح الهموم]

لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع

كلمة من أعيان كلمات الكاتب الإنكليزي أديسون

مما يؤثر عن الحكيم سقراط أنه قال إذا جمعت مصائب البشر كلها في وعاء ثم قسمت على جميع الناس بسواء. لأصبح من كان يحسب نفسه أشقى الناس وأخسرهم يفضل أولى الحالتين على الثانية. وجاء بعد سقراط الشاعر الروماني هوراس فعدّل هذا المعني فقال إن ما يكابد أحدنا من المصائب أخف عليه من مصائب أي إنسان آخر إذا وقع بين الرجلين تبادل.

فبينا أنا ذات يوم متكئ في خلوتي أفكر في هاتين الحكمتين وقد أخذتني سنة من النوم إذ خيل إلىّ أنه بأمر إله الآلهة قد نودي في الناس أن يحمل كل امرئ مصائبه فيأوابها جميعاً فيطرحوها بعضها فوق بعض في سهل فسيح فوقفت وسط ذلك السهل وسرني أن أرى الناس طراً يأتون واحداً بعد واحد يلقون أثقالهم العديدة حتى ارتفع من مجموعها جبل طالت ذؤابته السحاب.

وكان هنالك امرأة نحيلة خفيفة قد شمرت عن ساعد الجد وسط هذه الشعائر تحمل في إحدى يديها مجهر أو عليها ثوب فضفاض هفهاف سابغ الذيل موشي بعدد عديد من تصاوير الجان والعفاريت كلما ضربت الريح الجلباب تلونت وتشكلت تلك التهاويل أشكالاً وألواناً وكان في عينها وله ولهف وحيرة وكان اسمها الوهم وهى التي كانت تسوق كل فرد من البشر إلى المكان المعين بعد إعانتها إياه على ربط حزمته وحبكها وإلقائها على عاتقه فأذاب قلبي رؤية أخوتي وأبناء أمي وأبي ينؤون بأحمالهم. ويئنون تحت أثقالهم. وفتت كبدي أن أبصر ذلك الجبل الباذخ الذي من أحزانهم تكوّن ومن آلامهم تألف.

على أنه ألهاني عند ذلك. وسلاني هنالك. عدة من القوم لغريب أحوالهم وعجيب هيئاتهم. فمن بين هؤلاء رجل في حلة مطرزة أقبل يسعى حتى جاء المكان فأخرج من تحت حلته الموشاة المزركشة حملاً فألقاه فحددت البصر أتبينه فإذا هو الفقر. وأقبل آخر يرزح تحت ثقله وبعد كثير من التنفس والزفير أقي حمله فنظرت فإذا هو زوجته.

ورأيت عدداً عديداً من العشاق على كواهلهم أثقال عجيبة من سهام وشمل. ولكن أعجب