للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يوميات قائد بحري]

هذه اليوميات التي ننشرها اليوم للناس هي أبدع ما خرج في هذه الحرب إذ هي مذكرات حقيقية يلتقي فيها الحب بالقصص ويجتمع في تضاعيفها المأساة بالدرام، وهي خليقة بأن تنسب إلى عقل روائي عظيم كعقل فيكتور هوجو وهي دليل قائم على أن الحقيقة قد تكون أغرب من الخيال.

وواضع هذه اليوميات هو اللفتنننت كولونل هانز فون تير بنجر قائد الغواصة نمرة ١٣، وكانت وفاته منذ عدة أسابيع وتناقلت صحائف الغرب خبر موته لأنه قضى منتحراً إذ قتل فجأة وهو لا يدري الفتاة الجميلة التي كانت خطيبته، عندما نسف سفينة أبيها وقتل رجال غواصة شقيقها، فثار الحزن بفؤاده فلم يتمالك جأشه في الغداة ولو ين أن قذف بنفسه من أعلى سطح الغواصة إلى اللج المتقاذف واختفى في لحظة عن عالم الفضاء إلى قاع الأوقيانوس فلما عادت الغواصة إلى مربضها جمع رجالها متاع القائد ومن بينها هذه اليوميات التي كان يحرص عليها أشد الحرص، وأودعوها ذمة صديق له قريب في كوبنهاجن.

واليوميات طويلة شائقة تقع في مجلد، ومفعمة بالملاحظات والقطع الرائعة ولكن الجزء الذي نشر في الصحف منها هو الذي نبسطه الآن للقراء. . . . .

٥ مارس سنة ١٩١٤

لم يكن أبهج لدي وأعز فرحة منذ قدومي إلى ستكهولم من لقائي بصديقي سفن لارسن إذ صادفته وهو يرتشف رشفات القهوة في رحبة الملهى، فانطلقنا إلى داره وهناك التقينا بوالده لارس لاسن ووالدته وشقيقته مينا وقد رأيتهم قوماً كراماً محببين جذابى النفوس، أما الوالد فشيخ ممراح يملأ جو المكان الذي ينزل به ضحكاً ولهواً والفتاة صبيحة الوجه حسناء المعارف أذكرتني إذ وقع بصري عليها بالفتاة جريتشن في رواية فوست التي شهدت تمثيلها ذات يوم لا أذكره.

ورأيت أن سفن قد اطلع كثيراً ودرس جملة من العلوم منذ آخر عهدي به في المدرسة وأصبح يحدث الجلوس بلهجة الثبت الثقة في كل موضوع وفن، وكان الحديث الذي دار بيننا في تلك الجلسة الفكهة عن الجمال ولعل ذلك وحي من وحي نظرات شقيقته، فسألتها