للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[البولشفية]

(هل عرفت حقيقة البولشفية؟)

لعل الجواب على ذلك لا يكون ميسوراً. إن نظاماً يتهمه أعداؤه بكل ألوان التهم، ويعيش ثلاث سنوات وصحافة العالم كلها تكتب عنه كتابات متناقضة متضاربة، نقول إن نظاماً هذا شأنه أن ينطوي على حقائق أكبر مما يقدر للصحف وكتابها أن ينشروا للناس.

إننا نعيش في عصر مضطرب مجنون. وآية ذلك تلك الصرخة العنيفة التي انطلقت ضد البولشفية، وذلك الصوت الذي تألب ضدها، يقذفها بإنكار التهم وأقذرها. إنها نظام إباحي يجعل المرأة شركة عامة!!

ولسنا هنا بسبيل الدفاع عن البولشفية أو نقدها. فهذا أمر لا نتصدى له في هذه المجلة. ولكنا نسوق للقراء شيئاً مما يقال عن أكبر نظام علمي اجتماعي والكلام هنا منقول عن أدق المصادر وأوثقها. والكاتب هو المستر بريسفرد كاتب انجليزي قدير محترم في بلاده زار روسيا وتجول فيها واختلط بأهلها ووقف على أنظمتها فهو يكتب عن خبرة وتدقيق. وقد كتب ما نحن ناقلوه في مجلة (الكونتمبري رفيو) التي يعرف قراء الانجليزية أنها من أكبر المجلات وأوثقها.

قال الكاتب: لقد شهد العالم أنظمة وحكومات تستمد قوتها من قوة العصبية أو الثروة أو الجنس أو التعليم أو المقدرة الشخصية. وفي روسيا اليوم أحزاب تستطيع أن تبز البولشفيك في بعض هذه المزايا أو فيها جميعاً ولكن البولشفيك يحتفظون بميزتين خاصتين بهم هما:

التدريب والنظام.

القدرة على العمل وفرط الإيمان بمذهبهم وشجاعتهم إلى حد التهوس.

وتاريخ هذا الحزب ينتهي إلى زمن الحكومة القيصرية وهذا تعليل ما هم متصفون به من قسوة التدريب وحب النظام. فلقد كانوا وهم محكومون بالحكومة المطلقة يعدون حياتهم مؤامرة مستمرة، فتعلموا التدقيق والحذر وكتمان السر والطاعة المطلقة، وتعلموا أن يقاتلوا الجاسوسية بجاسوسية أشد منها، وهكذا جعلتهم المحنة صنفاً خاصاً، فراحوا يكرهون الترف والدعة، ويكرهون الشراب واللهو وتعلموا أن يعملوا ويطيعوا وأن يعيشوا في حالة حذر مستمر ومن هنا كانوا أقدر من أعدائهم الذين ما انفكوا أهل لهو وخمول.

والحزب البولشفيكي لا يربى على أكثر من ٦٠٠ ألف رجل وامرأة. فهو أقل الأحزاب