للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الفكاهات والملح]

كاره الدنيا

ما زال المستر اندرو ترفرتون منذ دب على صدر الوجود غريب الأحوال عجيب الأطوار تناقض أخلاقه أخلاق الخلق ويناقض بعضها بعضاً تحت ظلها الضئيل تلك المعاني الجمة والأمور الكثيرة - أعني كلمة شاذ والناس لحمقهم وجهالتهم ولضؤولة أذهانهم وضيق أفكارهم يرون كل ما خالف طريقتهم ونافى عادتهم أفناً وسفهاً ويحسبون غروراً وضلالاً أنهم على المنهج القويم والصراط المستقيم. فكل من حاد عنهم جار عن القصد. وما عن الرشد. والناس حيوانات عمي مقلدون من غير تأمل ولا استبصار. فهم كقطيع الضأن جلودها من أديم واحد وألوانها متشاكلة ويرى كل واحد منها حتم عليه أن يشبه سائر القطيع في كل أطواره وأحواله فيرد حيث ترد الجماعة ويصدر حيث تصدر ويقبل متى أقبلت ويدبر إذا هي أدبرت. فإذا أزعجها كلب فخافت وجب عليه أن يخاف معها فإن فرت حتم عليه أن يفر أيضاً. فإن بدأت الفرار بالظلف الأيمن وبدأه بالأيسر كان في نظرها جانياً مجرماً بل مختلط العقل به مس ولوثة.

وقد اتفق أن المستر أندرو ترفوتون بدأ السير بين قطيع الآدميين بقدم مغايرة لتلك التي بدأ بها سائر القطيع فاضطغن عليه الجماعة هذه الغلطة وقاموا له بالمرصاد لا يدعون فرصة للتشهير به والنقمة عليه حتى ينهزوها ولا يتركون خصاصة للاقتحام عليه بالإيذاء أو يلجوها. فكان عندهم أعجوبة المهد هدف المدرسة. كرة القذاف في الكلية حيث جعل الأستاذ يشبه رأسه بسقف خلع منه حجر وإن سقفاً فقد أحدى لبناته لجدير أن ينهار إذا هو لم يصلح في أوان الإصلاح. والناس إن يبصروا سقف دار ينهدم لم يعجبوا وقالوا نتيجة إهمال: فما لهم إذا أبصروا سقف دار ينهدم لم يعجبوا وقالوا نتيجة إهمال. فما لهم إذا أبصروا سقف عقل ينقض - ملكهم العجب واستحوذت عليهم الدهشة ولم يفطنوا إلى أن السبب في ذلك هو إهمالهم وعدم مداواتهم خلل الذهن المعتل بأدوية الرأفة واللطف والمحاسنة والمعذرة والتجاوز والملاينة؟

ولم يكتف المجتمع بأنحائه بتلك المظالم على رأس أندرو ترفرتون حتى خيب آماله في كل عزيز ومحبوب - في الصديق والأخ والحبيبة. أعطاهم صفو الوداد وجزوه أقذاء البغض