للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تاريخ الإسلام]

مقدمات

المقدمة الأولى

قدم التاريخ - التاريخ فطرة في الإنسان - ماهو التاريخ - الطريقة المثلى في التاريخ - أركان التاريخ - عطمة التاريخ الإسلامي - واجبات مؤرخ الدين - ما هو التاريخ الإسلامي - طريقتنا في تاريخ الإسلام - ماذا نقصد إليه من تاريخ الإسلام - المصادر التي اعتمدنا عليها في تاريخ الإسلام -

التاريخ علم قديم وجد مع الإنسان وليست أمة في أقصى غايات التوحش إلا عالجت إثبات تاريخها على حين أنها من الجهل بالحساب بحيث لا يمكنها أن تعد خمساً - وقد كتب الأقدمون التاريخ بالخيوط الملونة وبالريش المجعول في شكل صور وبالخرز والصدف وبالحجارة أهراماً وهياكل - ذلك لأن الزنجي والرومي والأصفر والأحمر كلهم يعيش بين أبدين ويخشي إذا ما مات أن يمسح الدهر ذكره ويمحو البلى أثره فلذا تراه يبذل الجهد في إثبات عهده في صحيفة الوقت وعقد طرفي سيرته بالماضي والمستقبل.

ولعل ملكة التاريخ فطرة في الإنسان فكل إنسان مؤرخ ألا ترى أن ذاكرة المرء إنما هي صفحة تاريخ مشحونة بالأخبار والروايات بعضها للأفراح وبعضها للأتراح وشطرها للفوز وشطرها للخيبة فكأن في كل نفس دولة قد سجلت في لوح الحافظة حظوظها من سعد ونحس وحالاتها من بؤس ونعيم وشؤنها السياسية خارجية وداخلية - وهل ينطق أغلب الناس إلا ليقصوا ويحكوا ويلقوا عليك لا ما جادت به قرائحهم بل ما لاقوا وما جربوا وما قاسوا وما كابدوا ثم تصور ماذا يكون لو حيل بين الناس وبين حكاية الحوادث وذكر الأخبار والنوادر إذن لجفت أنهار الحديث ونضبت عيون القول وعاد الكلام خطرات تخطر بين ذوي الألباب من حين إلى حين وتلاشي بتة بين العامة وأشباه العامة وكذلك ترى أن كل أعمالنا تاريخ وكل أقوالنا تاريخ.

وكذلك ترى أن علم التاريخ أي علم معرفة الحوادث الجسام وما أثرت في أحوال البشر من أجل العلوم قدراً وأردها نفعا وهو في عصرنا هذا أجل منه وأرد في سائر العصور لأنه لما كان الأقدمون أقل علماً وفلسفة وأكثر سذاجة وقوة خيال كان التاريخ عندهم مجرد سرد