للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[نصيحة شاعر]

إذا درس المرء التاريخ ونظر في حياة الأمم التي بادت ولم يبق منها غير أسمائها وجد في الطور الأخير من أطوارها والعصر الأخير من عصور حياتها صفات معروفة ذا رآها في أمة حية علم أن مصيرها مصير تلك الأمم التي بادت وانقرضت وليس انقراض العناصر البشرية مما يستدعي الدهشة فإن ذلك سنة لا مناص منها وإذا نظرنا في حياتنا وجدنا في أمتنا تلك الصفات التي تبدو في حياة كل أمة قبيل انقراضها مثل العجز والملل والكسل والتوا كل والضعة.

والزمان وحده هو الذي يحكم على صفات أمتنا أهي عوارض تزول أم عوامل تؤدي إلى الهلاك.

لا الدهر غر ولا الأيام ظالمة ... وإنما العيش فينا والردى علل

كل له أجل يسعى ليبلغه ... وليس يفلت أمَّأ جاءه الأجل

لولا التنافس في الدنيا لما صلحت ... ولا الحضارة والأيام والدول

زاوين إلا عن الفحشاء أنفسهم ... وفوقهم من بوادي خزيهم حُلَلُ

يا بارك الله مقدروا يعاجلهم ... فتطهر الأرض لا رجس ولا خطل

ما باشروا الصديق في قول ولا عمل ... فكُذبَ الأصدقان القول والعمل

إذا أصيبوا بشْر هيّن خنعوا ... وإن أصابوا منالاً هيّناً جذلوا

ويغضبون على من رام نفعهم ... فما يشجعه في السعي محتفل

فلا حكيم ولا نَدْب ولا فَطِن ... ولا عظيم ولا ثَبْت ولا بطل

إذا هممتم بأمر نفعه عممِ ... ألهاكم العجز والذلات والملل

وإن بدهتم بخطب ضره أمم ... ضاقت لديكم به الغايات والسبل

وصاحب الجهل فيكم آمن فَرح ... وصاحب العقل فيكم حاذر وَجِلُ

إذا نطقتم بحق فيكم حَصَر ... والبُطْل مبتدر منكم ومرتجل

فإن رقدتم فإن النوم عادتكم ... وليس تصحو لكم روح ولا مقل

تهافتون على الأدناس ما نتنت ... مثل الذباب على الأدناس ينتقل

أفهامكم مثل أفهام الفراش إذا ... حام الفراش على مصباحِ يشتعل

فإن دعيتم إلى خير ومكرمة ... حكيتم البُهْم لا عقل ولا حيل