للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حول نهضة المرأة المصرية]

للمرأة أثر بين في حال الجماعة يعترف به الأكثرون، وبقدر رقيها وتهذيبها يكون ذلك الأثر، فإما نزاعاً إلى التقدم في سبيل الكمال، أو مدعاة للتقهقر والهوى.

فعلى الأمة التي تريد نهوضاً يكسبها مكاناً عليناً بين الأمم الأخرى أن تعنى بتهذيب نسائها، وليس أبسط من تلك الحقيقة ولا أسهل منها فهماً، إذ أن تربية المرأة خطوة كبرى في سبيل تهذيب البنين، فالأبناء في طراءة العمر أي في الدور الذي ترسخ في أذهانهم التعاليم التي يتلقونها يقضون أكثر الوقت في رعاية الأمهات ولئن شذ في ذلك بعض الأسر فسلموا أمر الرعاية للمربيات فلا أقل من أن تكون للأم مهمة الرقابة.

وأرى أن النهضة الحالية - وهي التي استفزتني لطرق هذا الموضوع - ليست دليل بدء حياة جديدة كما قال أكثر من كتبوا في هذه الأيام بل هي مظهر عادي من حياة طيبة راقية موجودة فعلاً، وهذه الحياة لا تضن بأن تدلي ببرهان وجودها في كل ظرف تطلب ذلك.

ويلوح لي أن بعض الكاتبين يغالون في وصف شقاء المرأة وتقييدها، وعندي أن هؤلاء يعيشون في عالم الخيال إذ المرأة المصرية مستمتعة في الواقع بكل ما ينعم به الرجل من الحرية ولها حرمة مرعية عند زوجها ورأي محترم في عشيرتها.

خير للأمة أن يعمد قادتها ومرشدوها إلى بيان أسباب النجاح، وطرق الرقي، وأيها أسهل منالاً وأوفق لحالنا من الإكثار في التقبيح والإفراط في الملام.

لأن هذه النغمة - نغمة الندب والعويل - تهيج من غير أن ترشد فمن عرفها ووقف على كنهها أنكرها ومن تنبه بها هاج وتمرد على سنته الأولى فإذا به يجد الطريق الآخر ظلاماً فيخشى إن هو سار فيه أن يعتسف، فيقف حائراً متلدداً، فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.

مثل أولئك الغلاة في سلوكهم كمثل رجل يسكن مع أخوته الصغار فإذا بالمنزل يحترق ذات ليلة من إحدى جهاته فبدلاً من أن يأخذ بيدهم إلى منجاة من الناحية الأخرى يقصر نفسه على الصياح النارالنار حتى بعد استيقاظهم فيقف الصغار مذهولين حتى تلتهمهم النار جميعاً.

علينا واجب نؤديه في هذا السبيل. علينا أن نبذل النصح خالصاً لما يجب على لامرأة عمله، علينا أن نشرح كيف ترتقي المرأة.

أعود إلى حال المرأة المصرية متبسطاً مع القراء في شرحه حتى نفهمه جيداً ثم نقرر أي