للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ثورة النفس]

أرسل الأديب عبد الرحمن شكري إلى صديقيه الأديبين عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني قصيدة بهذا العنوان من القافية المزدوجة فأجاباه كل بقصيدة من القافية والبحر وهذه هي القصائد الثلاث:

قال شكري:

للنفس في بعض الأحايين ثورة ... يكاد لها جسم الفتى يتمزق

فيا نفس كم تبغين ما ليس حادثاً ... وحتام آمالي لديك تحرق

هياج كما هاجت قطاة تعلقت ... بأحبولة الصياد إذ ليس مهرب

أما في سكون الليل يا نفس واعظ ... أما في سكون الروض ملهى ومطلب

فهل تحسبين نائماً كلَّ ساكن ... وهل تحسبين ميتاً كل هاجع

نعم إن للشلال روعاً وهيبة ... ورب جلال للعواصف رائع

نعم للرياح الهوج هول وقسوة ... وللبحر أمواج تهيج فتحرب

أغرك من هذي الطبيعة أنها ... تثور فلا يقوى عليها المغلب

وما أحسب اليمّ الخضم بثائر ... إذا كان هذا اليم يشقى ويألم

وما القلب إلا لوعة تأكل الحشا ... وما الجسم إلا ذلك اللحم والدم

نعم أنت فيما تبغضين مصيبة ... ويا حسن ما تبغين من خير مطلب

ويا حسن ما تملى الخيالات أنها ... حلّى على جيد من الدهر أجرب

تريدين أن الجسم يغدو كأنما ... يضيء به منك الضياء المحجب

إذاً لأراقت كل نفس ضياءها ... على ظلمة للعيش والعيش غيهب

سأبذل جهدي في تعلم رقصة ... لأرقصها إن الحوادث تطرب

فيا نفس قومي فارقصي في جوانحي ... كما رقص المجنون يهذي ويلعب

فلا تعذلوني إن لليأس رقصة ... تعلمها المحزون من نشوة الأسى

وللنفس آهات من اليأس والجوى ... تحقر آهات الأناشيد والهوى

فيا ليت أني في فم البرق كامن ... فيودعه الأشجانَ قلب معذب

ويا ليت أني مثل (زوس) مسيطر ... على الرعدان يغضب كذا الرعد يغضب

ولكنني أما صرخت كصارخ ... غريق له صوت من الماء خافت