للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مطبوعات جديدة]

تاريخ آداب العرب

صدر المجلد الثاني من هذا الكتاب النفيس الذي يضعه أديبنا النابغة مصطفى صادق أفندي الرافعي، وليس من أدباء العربية كتاباً وشعراء، ولا من قرائها متعلمين ومتأدبين، إلا من عرف (تاريخ آداب العرب) وما كان له من الشأن عند ظهور المجلد الأول منه، وكيف طار صيته وكيف عده العلماء فتحاً جديداً في تاريخ الأدب العربي حتى إننا لا نزال نذكر فيه كلمة الأستاذ البحاثة الكبير أحمد زكي باشا من مقالته التي نشرها عنه يومئذ وهي قوله ولو كان كتابه مخطوطاً من أعلاق الدفائن، وقد ضربت عليه أغلاق الخزائن، أو كان في بلد يعسف دونه الباحث الأديب أتباج القفار، ويخوض إليه أمواج البحار، لكان من شعائره أن يسعى إلى مكانه، ويطاف بأركانه، ولكان فتح خزائنه من الفتوح في جهاد العالم المجتهد بيقينه، أما إذا نحصل عليه فذلك عنده من الظفر كأنما أوتي كتابه بيمينه. .

فما نحن الآن بمحدثين عن الرافعي ولا عن كتابه ولكنا نوجز الكلام فنذكر للقراء أن هذا الجزء الذين بين أيدينا يقع في زهاء ٣٧٠ من قطع البيان وهو مقصور على البحث في إعجاز القرآن وصفه بلاغة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتلك مسألة المسائل العربية في الدين والأدب والتاريخ وقد كان يلم بها علماء الكلام قديماً ويتكلم في بعض جهاتها طائفة من علماء البلاغة بسط الرافعي تاريخ كل ذلك في كتابه، ولكنهم جميعاً إنما يتناولونها من ناحية التسليم لا من ناحية البحث، ومن جهة ضرب الأمثلة لا من جهة تقرير القواعد وقد أغفلوا المعاني الاجتماعية وفلسفة البلاغة من كلامهم وهما طرفا المحور الذي تدور عليه هذه الرحي.

أما أدباء هذا العصر فما منهم إلا من يتحاشى جهده أن يتكلم في هذه المضلة وهم في الجملة يخرجونها من تاريخ الآداب إلا كلمات قليلة لا خير فيها وما هي من قدر الموضوع في شيء يستحق أن يسمي شيئاً. وما كان ذلك عن تهاون منهم ولا عن إنكار لإعجاز القرآن ولا عن جهل بأن هذا الباب أصل الأصول في تاريخ الأدب الإسلامي كله وأن كل كتاب في تاريخ الأدبيات يخلو منه فإنما هو يخلو من جمال التأليف ومن فلسفة الأدب ومن سر تاريخه - لم يكن إهمالهم عن شيء من ذلك، ولكن المعنى في نفسه دقيق جداً محرج