للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الانسانية المجنونة]

وخصومة القضاء والطب عليها

يعلم الناس أن القوانين الجنائية في العالم قد نصت على أن الفرد الذي اختل شعوره وارتكب جرماً يقع تحت طائلة القانون. لا ينبغي أن تلقي عليه أية عقوبة. بل ينبغي أن يدفع إلى عناية المستشفى. ويلقى في ذمة الأطباء لمعالجته. ذلك نص لا يقل دحضً في النظام الحاضر. ما دمنا نعلم أن القانون بالقائه العقوبة وتقرير القصاص لا يريد إلا إزالة أسباب الجرائم. وردع الناس عن ارتكاب الجنايات. ولكن موضوع رأي القضاة في المجانين ومبدأ القوانين الجنائية في معاملتهم قد أثاروا في هذه الأيام ضجة كبرى بين العلماء. وجدلاً وحواراً شديدين ولعل الناس يتساءلون ما السبب. ويقولون ما الباعث.

ونحن ننشر لهم ملخصاً مما كتبه المستر بوين رولاندس تحت هذا العنوان قانون الجنايات والمجانين وأجاب فيه عن هذا السؤال. ومجمل الباعث هو اختلاف الآراء بين رجال القضاء وبين الأطباء وبين عامة الناس.

وقد قال الكاتب من أين نشأ هذا الجدل. وجواب ذلك ما قاله احد المحامين الكبار وهو يقول القانون أن ليس في الدنيا أحد مجنون ويقول الطب. ليس في الدنيا أحد عاقل. ويقول الإنسان العادي أن خمسة وثلاثين في المائة على وجه التقريب من سكان أي بلد مجانين صرف.

هذا كل ما في المسألة لأن الناس ك لهم في اعتبار القانون عقلاء. ولا يستطيع أحد أن يفلت من العقوبة إلا إذا ثبت أنه في الحقيقة ونفس الأمر مجنون من غير شك. ولكن الأطباء في رأيهم أن كل الناس مجنون. والعالم بأجمعه مجانين. وأن كل إنسان يريد أن يثبت أنه ليس على شاكلة من هذه الوجهة يجب أن يقنع الأطباء الأخصائيين في الأمراض العقلية. لا القضاة والمحلفين. ويقول الإنسان العادي، أو هو كما قال أحد الكتاب. الإنسان الذي في الشارع. إذ يرى جريمة وحشية ترتكب - أن الرجل الذي ارتكبها لا بد من أن يكون مجنوناً ذهب لبه.

فبصرف النظر عن رأي الإنسان العادي. ينحصر الخلاف بين القضاة وبين الطب. إذ يقول الأطباء أن المجرم يجب أن يترك لمحكمة مؤلفة من بعض الخصائيين في الأمراض