للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[انقباض النفس]

للشاعر النفساني الروحاني كلوردج

نقلها إلى العربية الكاتب الشاعر عبد الرحمن أفندي صدقي

حزن من غير ما ألم، أجوف موحش معتم. حزن مكظوم نعسان هادئ لا يجد له مخرجاً أو مفرّجاً في كلمة أو زفرة أو غيره - بلى سيدتي في هذه الحال من الكمد والخمود استغوتني أغاريد طائر صداح إلى الاسترسال في التأملات فكنت طوال هذا المساء المتأرج الساجي أرمق الأفق الغربي وصبغته الوارسة

وقد رنقت شمس الأصيل ونفضت ... على الأفق الغربي ورسا مذ عذها

وما زالت أرمق - ولكن بأيما عين غافلة وألحاظ جوفاء - وسوارى المزن فوقي شفيفة متفتقة قد تنصلت عن ظاهر سريانها وخيلت أنه لهاتيك الكواكب والدراري اللآئي يمرقن خلفها أو ما بينها. آونة متلالئات وأخرى معتمات ولكن على الحالين مستبينات للعيان. وذياك الهلاك مستقر كأنما قد ترعرع ونما في بحيرة له ولازوردية لا تعرف دراريا ولا مزنا. أرى كل هذه المشاهد حسانة فاخرة أرى ولكن لا أشعركم هي أنيقة حلواء.

(٣)

حال سالف ابتهاجي إلى كآبة وانقباض. وإني لهذه المشاهد أن ترفع الوقر المزهق عن صدري فعبثاً أحاول الترفيه ولو رمقت إلى الأبد هذه الأضواء الوارسة التي تتلكأ في المغرب إذ لا أمل أن أستمد من المظاهر الخارجية حرارة وحياة ينابيهعما باطنية.

(٤)

بلى يا سيدتي إنما نسترد ما أعرناه وإن حياتنا وحدها تحيا الطبيعة وحياتنا وحدها تسربلها إما في رياط عرس أو لفائف كفن فإذا شئنا أن نعاين شيئاً أسمى قيمة مما تخوله هذه الدنيا الميتة الباردة لهذا الملأ التعس اللازب القلق الخامد الحب فعلى النفس وحدها أن ينبجس عنها ضوء بهاء، رباب ضحيان أغر يشمل الأرض - وعلى النفس وحدها أن تنخمضعن صوت حلو جهوري من نتاجها وهو من كل الأنغام الحياة والعنصر.

(٥)

آه أيتها النقية القلب لا أظن بك حاجة أن تستفسري مني وتتساءلي ما تكون هذه الموسيقى