[أمالي أدب]
بين ظهرانينا أديب فضل لا يكاد يتخلف عن كثير من أدبائنا الذين ملأو الدنيا شهرة، وهو محمد عزت أفندي الذي تكفل للبيان بأن يوافى كل عدد من أعداده بقطعة وافية الأدب العربي يضمنها أطيب ما عثر عليه اختياره من منظوم المتقدمين ومنثورهم مع الشرح والضبط والتعليق، وقد قدم لهذا العدد نبذة طيبة افتتحها بالقول على تفشي العجمة بين الناطقين بالضاد لعهدنا هذا وأن ذلك إنما نشأ من أعراض القوم عن فصيح اللغة والاحتفاظ بالمأثور من بلاغات العرب التي بإدمان النظر فيها والدربة عليها تستقيم الألسنة وتتهذب ملكات البيان ويبقى هذا الدين كتابهم وسنته وشرائعه ومدنياته قائماً محفوظاً معمولاً به، إلى كثير من الأفكار الصائبة التي أودعها مقدمته ثم هجم بعد ذلك على ما قصد إليه من هذا الأملى. قال فمما هو غاية في الإبداع وجمال الأسلوب قول الحارث بن خالد في طول الليل
تعالوا أعينوني على الليل أنه ... على كل عين لا تنام طويل
ويقال أنه أول من ذكر العلة في طول الليل ذم تبعه الشعراء فقال الفرزدق واسمه همام بن غالب وكنيته أبو فراس
يقولون طال الليل والليل لم يطل ... ولكن من يهوى من الوجد يسهر
واحتذى أبو معاذ بشار بن برد حذوه فقال
أظن الدجى طالت وما طالت الدجى ... ولكن أطال الليل هم مبرحِ
وقال الوليد بن يزيد
لا أسأل الله تغييرا لما صنعت ... سعدي وإن أسهرت عيني عيناها
فالليل أطول شيءٍ حين أفقدها ... والليل أقصر شيءٍ حين ألقاها
فذكر العلة في طول ليله وزاد عليها العلة في قصره وجاراه مؤيد الدولة الطغرائي فقال
ليلي وليلي نفي نومي اختلافهما ... حتى لقد صيراني في الهوى مثلا
يجود بالطول ليلي كلما بخلت ... بالوصل ليلي وإن جادت به بخلا
ثم جاء من امتثل قول الفرزدق وثنى بقول الوليد فقال
أخو الهوى يستطيل الليل من سهر ... والليل من طوله جار على قدره
ليل الهوى سنةٌ في الهجر مدته ... لكنه سنةٌ في الوصل من قصره
أما علي بن العباس الرومي خواص الشعراء فقد رمي الغرض الأقصى في طول يوم