للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حديث المائدة]

لعل قراءنا الأفاضل لم ينسوا أنا نشرنا في هذا الكتاب الرائع نحواً من اثني عشرة قطعة مختارة في السنة الثانية والثالثة والرابعة - وقد طلب إلينا اليوم أن نعود إلى هذا الكتاب فنستوعب أطيب ما فيه كما طلب إلينا أن نعود إلى حضارة العرب في الأندلس وإلى دون جوان للشاعر بيرن - وحديث المائدة هذا كما بينا في غير مكان من هذه المجلة يقع في ثلاثة أجزاء فجزء للشاعر وآخر للأستاذ - ونحن الآن نختار من جزء الأستاذ والكتاب للكاتب الأمريكي الأشهر وندل هولمز.

(١٣)

قال الأستاذ:

أردت أن أجعل أو لظهوري على المائدة محلى بكلمة نبيلة وحكمة جليلة تكون بمثابة قانون عام ووصف دقيق للحياة البشرية. فوجهت نظري إلى رجل فقيه من رجال الكنيسة كان جالساً أمامي لأجاذبه أهداب المحاورة حتى تسنح الفرصة فأقذف بين يديه بالكلمة النبيلة والحكمة الجليلة أعني الغرض الأهم الذي ترمي إليه هذه الحياة فقلت له: تفضل عليّ بقطعة من السكر الذي أمامك يا سيدي. الإنسان حيوان محتاج إلى معونة بني جنسه.

فقال الفقيه: ما أقلّ ما سألتنيه يا سيدي. ثم ناولني السكر.

فقلت: الحياة حزمة كبيرة مؤلفة من أمور صغيرة.

فابتسم الفقيه كإنما ظن أن كلمتي هذه هي خاتمة عبارات الشكر والثناء الموجهة إليه بمناسبة مسالة السكر.

فقلت له: أراك تبتسم، لعل رأيك في الحياة هو أنها حزمة صغيرة مؤلفة من أمور كبيرة.

فقهقه الفقيه ضاحكاً ولكنه كبح جماح ضحكته ثم قال: الرأي عندي أن الحياة حزمة كبيرة مؤلفة من أكور كبيرة.

وهنا رأيت الفرصة قد سنحت لإبراز الحكمة الجليلة فانبريت أقول: الغرض الأعظم من هذه الحياة. . .

في هذه اللحظة قاطعني جاري وكان فتى حديث السن يدعونه جون فقط بلا لقب ولا كنية. فقال لي: صه! أنصت إلى رأس الغول فإنه يريد أن يتكلم.