للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قصة عجيبة]

للكاتب الروسي الكبير إيفان تيرجينيف

قال هـ: منذ خمسة عشر عاماً اضطرتني واجبات خدمتي المصلحية إلى قضاء أيام قلائل في عاصمة إقليم ت. فنزلت بفندق جميل كان قد أقامه هنالك قبل قدومي بستة أشهر رجل يهودي اغتنى بعد فاقة. ولقد وجدت ذلك الفندق إذ ذاك في أوج بهائه إذ كانت أخشاب أثاثه الجديدة تتصدع أثناء الليل فتحدث انفجارات أشبه بدوي الرصاص. وكانت ملاءات الفرش وأغطية الموائد والمناضد والمناشف (الفوط) تفوح برائحة الصابون، وخشب الأرضية المنقوش يفوح برائحة الزيت الذي كان خادم الفندق - وهو رجل في منتهى التأنق وحسن الذوق ولكنه قليل العناية بمسائل النظافة - يره أحسم دواء لانتشار الحشرات. وقد كان هذا الخادم سابقاً في خدمة البرنس ج وكان مشهوراً بفرط جرأته وصراحته مع الزبائن وبفرط اعتداده بنفسه وعرفانه بعظيم قيمتها. وكان يلبس دائماً ريدنجوتاً (نصف عمر) وشبشباً قد أخذ البلى من نعله ويتأبط منشفة وعلى خديه عدة من الدمامل. وكان يلقي على الزبائن ملحوظاته القسرية الخطيرة مشيراً أثناء ذلك بيديه القاطرتين بالدهن والودك إشارة الخطيب المصقع. وكان يشملني بعين رعايته ويحمد مني فطنتي إلى عظيم مواهبه. وإدراكي خبرته بالحياة وسعة تجاربه. وكان اسمه أرداليون.

وفي أثناء إقامتي بهذه المدينة رأيتني مضطراً إلى زيارة بعض رجال الإدارة فاستحضر لي إرداليون عربة وسائقهاً كلاهما رث مفكك الأوصال ولكن السائق كان يلبس زي خدمة الأشراف وكانت العربة محلاة بشعار الأمراء. فبعد أن أديت زيارات يالرسمية انطلقت في العربة لزيارة رجل من أهل الريف كان من أصدقاء أبي وكان قد استوطن المدينة منذ عهد طويل وكنت لم أره منذ عشرين عاماً كان قد تزوج في خلالها ورزق عدة من البني ثم ماتت زوجته فترمل من بعدها وجمع ثروة وكان عمله يختص باحتكارات الحكومة أعني أنه كان يقرض المقاولين المشتغلين بالاحتكارات مبالغ بأرباح باهظة.

فبينا أنا في الحديث مع هذا الصديق إذ دخل علينا الغرفة فتاة صغيرى تقدم رجلاً وتؤخر أخرى ولا تكاد قدماها تلمسان الأرض من خفة وطئها. وهي في السابعة عشرة نحيفة القد مهضومة الحشا رقيقة البدن واهنة النبيان. وقال صاحبي (هاك كبرى بناتي - صوفيا.