للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كتاب تربية الإرادة]

مقدمة الطبعة الأولى

للمؤلف

مما يدعو إلى العجب الإعجاب جماع الناس

على شدة الحاجة إلى معلم يعلمهم شتى

العلوم والفنون وإقبالهم على تعلمها بجد واهتمام

إلا علم الحياة فإنهم لا يحفلون بتعلمه ولا تحدثهم

نفوسهم بضرورة الجد في تحصيله

(كلمة قالها نقولا في كتابه الموسوم: في أنه لا ينبغي للمرء أن يسير في هذه الحياة حسبما تجره إليه الظروف وتدفعه يد الإتفاق).

كان للدين السيادة المطلقة على العقول أبان القرن السابع عشر وشطر من القرن الثامن عشر فلم يكن ثمت ما يدعو إلى فتح باب البحث في مسألة تربية الإرادة في أعم معانيها إذ القوى التي بأيدي الكنيسة الكاثوليكية - وهي القديرة جد القدرة على تربية الأخلاق - كانت وقتئذٍ كافية لهداية الناس وإرشادهم إلى أهم ما ينبغي لهم من شؤون حياتهم.

أما اليوم فقد ذهبت هذه القوة وعفت آثارها من أغلب العقول المفكرة ولم تعوض بما يقوم مقامها فلا بدع إذا اصيبت الإرادة بالوهن والضعف والإنحلال في هذه الأيام وأخذت الكتب والجرائد والمجلات حتى القصص الموضوعة تشير إلى هذه الحال وتشكو من عواقبها وتستحث على تداركها.

وقد أتاحت الأقدار لهذه الحال التي تمكنت من النفوس أساة وأطباء زعموا أنهم يعرفون الداء ويصفون الدواء ولكنهم وآأسفاه كانوا متشبعين بمذاهب علم النفس الشائعة في عصرهم فتوهموا أن لقوة الإدراك هيمنة وسلطان على الإرادة وظنوا أن وعن الإرادة نتيجة الجهل بنظرية فلسفية مؤيدة بالحجة والبرهان تتناول البحث فيما هنالك من مباحث ما وراء الطبيعة والأسرار المعنوية الخفية.

وهم في جهلهم هذا معذورون إذ من القواعد المقررة في علم الإقتصاد السياسي أن الإنسان أول ما بدأ بزراعة الأرض اختار الأرض الموات الجرداء فبذها وحصد ما استطاعت أن