للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روح الإسلام]

الأكبر نصير للإسلام اليوم سيد أمير علي

لما ظهر محمد كان العالم لا عهد له بما يسمى الحقوق الدولية. فكانت الحرب إذا نشبت بين القبائل المختلفة أو الأمم المتنوعة، كانت نتيجتها أن القبيلة أو الأمة الفائزة تبطش بالأمة المغلوبة فتذبح رجالها وتسبي نساءها وتأسر عجزتها وصبيانها وتغنم أسلابها وتنهب متاع دورها وأثاث قصورها وتغصب عقارها وأموالها.

إن الرومان الذين استغرقوا ثلثمائة وألف عام في تكوين مجموعة قوانينهم ونظام شرائعهم لم يفطنوا قط إلى هذه المسألة الخطيرة. أعني واجبات السلوك الدولي، وفررائض المعاملات الإنسانية، فكان لا باعث لهم على الحرب والقتال إلا الرغبة في إخضاع الأمم المجاورة. وكانوا إذا انتصروا ففازوا بغرضهم من إخضاع الأمة المهزومة تحكموا فيها وضربوا على أيديها وساموها الخسف والضيم وتصرفوا فيها تصرف السيد في المسود. والأرباب في العبيد. كانوا إذا أبرموا عهداً مع المغلوب ثم بدا لهم أن ينكثوه لفائدة أو منفعة لم يترددوا في ذلك طرفة عين. وكانت حقوق حرية الشعوب المهزومة لا قيمة لها عندهم ولا تزن في نظرهم مثقال ذرة فلما دخلت النصرانية في العالم الروماني لم تحدث لأدنى تعبير أو تبديل في آراء مشرعي الرومان عن مسألة الواجبات الدولية بل بقيت الحرب على ما كانت عليه قبل من فظائع التخريب والعسف. والتدمير والحيف. ولضيم والإذلال. والإبادة والاستئصال. وذلك أن المسيحية أخلت نفسها ونفضت يدها من مسألة المعاملات الدولية والواجبات الإنسانية المتبادلة بين شعب وآخر - وبذلك تركت أربابها وأتباعها يتعسفون مجاهل الضلال في أسود ياجير الجهل والعماية.

والعجب العجاب أن ترى العلماء والمفكرين من فطاحل العصور الحديثة بدلاً من ان يعتدوا هذا عيباً في نظام المسيحية وخللاً في جهاز شريعتها سببه أن هذه الديانة كانت قد تركت عند هلاك مؤسسها في حالة نقص بين لم تستكمل أصولها ولم تستنم قواعدها - حاولوا تبريرها وتحبيذها! ضلة منهم وسفهاً مصدره الأهواء الزائغة والمحاباة الباطلة. وهذا لعمرك مذها جائر يقضي بأن ما يعد صواباً بالنسبة للأفراد يعتبر خطأ بالنسبة للأمم والعكس بالعكس. وهكذا بقيت الديانة وواجبات الآداب التعاملية بمعزل عن نظام القوانين