للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[صور مضحكة]

الحلاقون

للكاتب الهزلي الأمريكي الطائر الصيت مارك توين

كل شيء في الوجود عرضة للتغيير والتبديل إلا الحلاقين وأساليب الحلاقين ومتعلقات الحلاقين. فإنها ثابتة لا تتحول. سرمدية لا تتغير ولا تتبدل. فإن ما يكابده الإنسان عند دخوله دكانة حلاق أول مرة هو عين ما يكابده كلما دخل أشباهها ونظائرها حتى يوافيه أجله.

ذهبت للحلاقة اليوم كالعادة. فلما دنوت من دكان الحلاق بصرت برجل يدنو إليها من الجهة المقابلة، وهذا هو ما يزال يقع ويحدث. فأسرعت نحو الباب وأسرع الرجل وأردت أن أسبقه إليه فسبقني. وهذا أيضاً هو لا زال يقع ويحد. وكذلك دخلها الرجل قبلي بخطوة واحدة واني لا أطأ على عقبه ورأيته وعيني تدمع. وقلبي يبجع. يتبوأ كرسي الحلاقة الوحيد الخالي الواقف عليه أحذق حلاقي الدكان وأمهرهم. وهذا أيضاً هو لا يزال ويقع ويحدث. وكان في الدكان غير ذلك الحلاق الأمهر الأحذق صانعان آخران أحدهما لا بأس به واسميه هنا الحلاق نمرة (١) والثاني طائش اليدين. ثقيل الراحتين. ذو أصبع هوجاء. وانملة خرقاء. وهو فوق ذلك ثرثار مهذار فظ غليظ بارد سمج ثقيل واسميه هنا الحلاق نمرة (٢) فقعدت عل أحد المقاعد الخالية وجعلت اتضرع إلى الله أن يورثني الكرسي القائم عليه خير هذين الحلاقين وأن يجنبني شرهما وادعوا على هذا الأخير في سري متمثلاً قول القائل فشركما لخيركما الفداء واكد أملي بلوغ المراد اني رأيت نمرة (١) أقرب إلى الفراغ من زميله المنحوس إذا كان قد شرع يمشط شعره محلوقه على حين أن زميله كان لم يفرغ بعد من مرسه خصل محلوقه ودلكها بالزيت. فلبثت أرقب السباق بينهما بمهجة قلقة ونفس مشفقة. فلما رأيت نمرة (٢) المشؤوم الطلعة قد لحق بنمرة (١) وهم أن يسبقه صار اشفاقي لهفاً وفزعاً. ثم لما رأيت نمرة (١) قد وقف في عمله لإصلاح بعض شأنه تحول لهفي وفزعي كرباً وجذعاً. فلما استأنف نمرة (١) عمله ورأيت الزميلين ينتزع كلاهما الفوطة ويمسحان البودرة عن وجهي محلوقيهما وقد أصبحا في التعادل والتكافؤ كفرسي رهان. وقد استوت كفتا الميزان. بهرت واحتبست أنفاسي من شدة القلق والاشفاق.