للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أخبار الخوارج]

للإستاذ الشيخ أحمد سليمان العبد

أحد خريجي مدرسة الفضاء الشرعي

بسم الله الرحمن الرحيم

والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله أجمعين

مقدمة

إن ماجاء به هذا الدين من نبذ الحال التي كان عليها كثير من الأمم في ذلك العهد من تقديس شخص من أفرادها وتغاليها في الخضوع لمليكها ورفعها إياه إلى منزلة الأله الواحد القاهر وما نشره هذا الدين المحكم من المساواة بين الناس لأفضل لأحد على غيره في الحقوق العامة - لا يعظم شريف أمام هذا الدين فيميل معه في اغتصاب ضعيف ما له ويعينه على انتهاك عرض ذليل ضئيل.

إن كل هذا قد بث في الأمة الإسلامية روح الصراحة في القول وجملها بثوب الشجاعة الأدبية - وجعل أفرادها يستعذبون الموت الزؤام. إذا حال بينهم وبين الجهر بخطل ما يرونه خطأ. سواء أخطأوا في الواقع أم أصابوا. وكأني بهذا المبدأ (مبدأ المساواة) وهو ناصر النفس وعضدها القوي الذي يزيل عنها الخور والخمول ويخرج بها إلى واد فسيح من الحياة الشريفة تجديه رقيها ورفعتها ويقذف بها في ميدان شاسع من الشجاعة الأدبية فيشيد الإنسان لنفسه ولأمته بذلك صرحاً من الشرف باذجاً يهرم الدهر وهو يتريع شباباً وتنفد الأيام وهو يتجدد ذكراً وثناء.

ومن هنا يظهر السبب الذي دفع كثيراً من أفراد المسلمين في الصدر الأول من الإسلام إلى إظهار رأيهم في المواقف الحرجة والمآزق الضنكة.

فلا غرو بعد هذا أن ينظر الإنسان في التاريخ الإسلامي فيرى العباس ابن مرداس السلمي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم عقيب تفضيله رجالاً من المؤلفة قلوبهم من المسلمين بزيادة عطائهم من غنائم (حنين) فيقول في شعره.

وكانت نهاباً تلافيتها ... بكرى على أطهر في الأجرع

وإيقاظي القوم أن يرقدوا ... إذا هجع الناس لم أهجع