للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبابنا والإسلام]

ترى الرجل المتدين - وأكثر ما يكون من المتقدمين في السن - فتسر، ثم

(البيان) بين شباننا اليوم أفراد مهذبون مستقلوا الفكر ذوو شجاعة أدبية اهتدوا بفطرتهم القوية إلى المنهج القويم في تربية أنفسهم فانتهجوه وأصبحوا قرة أعين أهليهم وأصدقائهم والغيورين على رجال المستقبل. . .

نعرف من هؤلاء الشباب الصالح - الشاب الفاضل محمد بك جلال نعرف منه شاباً يتقد ذكاء جمع بين حرارة الشباب ورصانة الشيوخ وقد أردناه على أن يكتب في البيان كلما بداله أن يكتب تشجيعاً له وانتفاعاً بمواهبه، وهذه هي الباكورة الأولى من ثمرات فضله.

لا تلبث حتى ترى أنه يعوزه شيء من نور الحقائق العلمية الحديثة فتأسف.

وترى الرجل الذي أصاب حظاً وفيراً من العلوم العصرية - وأكثر ما يكون من الشباب - فتطرب لحديثه، ونفاذ بصيرته واستنارته، ثم تلاحظ حاجته الشديدة إلى شيء من الدين فتألم.

تسر من الأول لأن تدينه يضمن بدرجة ما، تقدمه الخلقي واحتفاظه بالكمال ثم تأسف لجموده وعدم وقوفه على شيء من أسرار العلوم الحديثة، لأنه لو وفق بين الأمرين لا شك يجد مجالاً أوسع لخدمة بلده وعشيرته.

وتسر من الثاني، لأنه شاب في مقتبل عمره ومع ذلك تراه ملماً بكثير من أسرار العلوم مما يزيد أملك في نفعه، وتتألم لأن نقص دينه نقص في دوافعه إلى الخير، وفي زواجره عن الرذيلة، وتأسف ثانياً وتعجب أكثر، لأنك ترى تقدمه في العلم فتقرر النتيجة المنطقية الواضحة وهي أن استعداده الفكري الذي أهله لدرجته العلمية كفيل بأن يفهمه الحقائق الدينية ولكنك لا ترى ذلك في الواقع.

تلك هي حالنا اليوم يضحك الفريق الأول من الثاني ويسخر هذا من ذاك يظن الأولون أن العلوم الحديثة مؤثرة على العقيدة، نزاعة بالمرء إلى الخروج عن أوامر دينه ونواهيه، ويرى الآخرون أن لا طائل تحت التمسك بالدين، وبعضهم يظن أن الدين لا يساعد على الرقي وخصوصاً المادي منه.

أن أنس ما أنس كلمة سمعتها من ناشئ لم يتجاوز الخامسة عشر بعد، زرت أخاه، فاجتمعت به، ثم أخذت أسأله عن سيره في دروسه، فما لبث أن قال: إني لا أبغض من بين الدروس