للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مطبوعات]

كتاب المواكب

للكاتب الشاعر النابغة جبران خليل جبران

عرفت جبران خليل جبران كاتباً ملهماً، إذا كتب عن الحياة حسبت الحياة تكتب عن نفسها.

غير أني لم أكن أعرفه شاعراً إلا اليوم. حيث ظفرت بكتاب له اسمه المواكب أرسل فيه قصيدتين فضفاضتين، أولاهما على لسان شيخ فان غالب حياة المدنية فغلبته وصارعها فصرعته فأمضى فيها رأياً متبرماً متشائماً أملته عليه تكاليفها التي لا تقف عند حد. والأخرى على لسان فتى غض نشأ في الغابة الحرة الطليقة بين عيونها الثجاجة وجداولها الرجراجة، وجناتها الفياحة، وطيورها الصداحة، فاستقام له من حياته العذبة رأي مستبشر متفائل ينقض به رأي الشيخ في كل أدواره.

مثال ذلك قول الشيخ في الروح والجسم:

وغاية الروح دي الروح قد خفيت ... فلا المظاهر تبديها ولا الصور

فذا يقول هي الأرواح وإن بلغت ... حد الكمال تلاشت وانقضى الخبر

كأنما هي أثمار إذا نضجت ... ومرت الريح يوماً عافها الشجر

وذا يقول هي الأجسام إن هجعت ... لم يبق في الروح تهويم ولا سحر

كأنما هي ظل في الغدير إذا ... تعكر الماء ولّت وأمحى الأثر

ضل الجميع فل الذرات في جسد ... تثوي ولا هي في الأرواح تحتضر

فما طوت شمأل أذيال عاقة ... إلا ومر بها الشرقي فتنتشر

وقول الفتى:

لم أجد في الغاب فرقاً ... بين نفس وجسد

فالهوا ماء تهادى ... والندى ماء ركد

والشذا زهر تمادى ... والثرى زهر جمد

وظلال الحور حور ... ظن ليلاً فرقد

أعطني الناي وغنّ ... فالغنا جسم وروح

وأنين الناي أبقى ... من غبوق وصبوح