للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عالم الحرب]

مذكرات سرية عن الإمبراطور غليوم

وصيفة من وصائف الشرف لبثت زهاء عشرة أعوام في بلاط برلين تحدث العالم عما رأته من غرائب أخلاق غليوم وشواذ نوادره وأسرار حياته وبدائع جنونه وعجائب أموره - وهي حقائق ثابتة لا يشوبها شائبة من الكذب أو التلفيق أو الاختلاق ولا يمازجها أثر من التخيل أو الزيادة أو التوسع أو الأطناب.

والكاتبة الوصيفة من الكونتسات، أعنى من السيدات النبيلات - تقول في مقدمتها ليس لي مأرب شخصي من هذه المذاكرات ولا أسباب عندي في وصف ما رأيت من العيشة البلاطية وشاهدت فإذا كانت قد احتوت جملة من الغرائب واشتملت طائفة من المضحكات، وهدمت كثيراً من الآراء الثابتة عند القراء وكشفت عن أسرار عجيب هي على النقيض مما أصبح تاريخاً مقرراً مشهوراً، إذن فليذكر القارئ أن الحقيقة قد تكون أغرب من الخيال وأن التاريخ ليس إلا كذبة مزخرفة - ولست ذاكرة إلا الحوادث التي وقعت تحت عياني، أو التي استقيت من شهود ثقات، وأما الحوادث التي وقعت قبل تتويج الإمبراطور فسأضطر إلى نقلها من أحاديث أهل البلاط ورواياتهم.

فكاهات كثيرة من جنون الإمبراطور بنفسه - تغزله في النساء أمام زوجته وأمام الحضور حتى ولو كان بينهم رجالهن - غيرة الإمبراطورة وأمثلة مضحكة عن ذلك، تحدث غليوم عن نفسه واعتباره كل شيء في ألمانيا ملكه - إعلانه عن نفسه - غرامة بأيدي النساء حتى العجائز والدميمات - واقعة حال بينه وبين سيدة.

علمتني الأعوام الطوال التي عرفت فيها الإمبراطور وعشتها على مقربة منه إن اعتقد أن الإمبراطور لا يجب أن يسأل عن كثير من أمور إدعائه وزهوه وقسوته وتقطيبه، لأنه لا يستطيع أن يتمالك نفسه من إتيانها، فهو لا يهتم بأحد إلا نفسه ويعد الناس والجماعة شيئاً لا يعني به ولا يحفل حتى لكأنه لا يشعر بوجود إنسان ما بجانبه.

فإذا خرج يوماً وزوجته في نزهة طيبة على متون الجياد، ثم حدث للإمبراطورة في الطريق حادث عاقها عن اللحاق به، لم يكن من غليوم إلا أن يتابع سبيله إلى الوجهة التي يريدها هو ورفقته وحرسه وراضة جواده، غير مكترث أبداً ولا مهتم ولا حافل ولا مخفف