للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب تدبير المنزل]

تربية الطفل

(٧) البيئة المنزلية - الجزاء والعقاب

يقولون إن الملك لا يستطيع أن يحدث شراً ويجوز لنا أن نردف هذه الكلمة بكلمة أخرى ولو أن السبب مختلف ووجه العلاقة متباين فنقول (ولا الأطفال كذلك) فعليك أن يكون هذا مبدأك في منزلك وإزاء أطفالك وأهل بيتك، وتعلم أن العقاب والتأنيب وما أشبه ذلك لا محل له من التربية ولا وجوب ولا ضرورة، بل ينبغي أن لا تكون في ثنايا روحك أية قطرة من الغضب أو ظل الانتقام، أو ريح العقاب والاقتصاص، وقد يجوز أن يفعل طفلك ما هو مسيء غير محمود، ولكن عليك أن تتذكر أنه لم يفعل ذلك وهو يعلم أنه مسيء وغير محمود، فلو أنك أدركت أن الأطفال أبرياء من الذنب ولم تجعل لهذا المبدأ أي استثناء ووطنت نفسك على أن تعتقد أن الأطفال لا يقصدون حقيقة الإساءة وارتكاب الذنوب، إذن لسهل عليك أمر التربية وذلك لك سبل التأديب.

وقد يخيل إليك على الرغم من أنك تعتقد أن طفلك لا يقصد حقاً الإساءة أن إظهار علائم الغضب أو أخذه بشيء قليل من القصاص أو نهره أو زجره كل أولئك قد يعلمه الفعال الحسن وترك الإساءة والشر، على أن هذا المبدأ لا يعمل إلا على إغراء الطفل بالإساءة وترغيبه في الشر والأذى، وقد دلتنا التجاريب على أن قولنا للناس (نرجو من مروءتكم وكرم عواطفكم) أفعل في نفوس الناس وقولنا (لا تفعلوا هذا وإياكم أن تقربوه أو حذار أن تقتحموه) وقد مررت يوماً بصديق لي بغابة قد كتب عند مكان منها لوحة تحتوي هذه الكلمات (الذين يجتازون هذا السور سيعاقبون) فلم يكن من صديقي إلا أن قال: (إذن فلنجتزه ولنمر على الرغم من هذا التهديد).

ومن هنا ندرك أن الرفق واللين والمعروف أفعل في نفس الصبي والشيخ من كلمة التهديد وألفاظ الوعيد، فإن اللهجة المهددة لا تزال لهجة مستحثة مستثيرة مغرية وإن قولك لإنسان (لا يلزم أن تفعل هذا) لا بد أن يثيره إلى إجابتك بالكلام أو بالفعل. بل سأفعل! لأن الطلب الرقيق المتأدب الكريم يخجل الإنسان ويغريه بإنجازه ويشجعه على تحقيقه، ولهذا يجب أن تكون فكرتك في تربية أطفالك أنك إزاء تلاميذ وأنك منهم مكان المعلم من صبيته ولهذا